القصيد رهيب من حيث أنه:
اولا
اوجد ما نسميه بالنقد أسطرة الشعر.. وبالتحديد في ما يسمى بالأمبروسيا فما هو؟!
انه طعام الالهة او شرابها-
الأمبروسيا في الأساطير الإغريقية القديمة، تعني الخلود، وهو طعام أو شراب الآلهة الإغريقية…
هنا بهذا القصيد الامبروسيا يتمثل في اشتغال الشاعرة على حدث قدمته تجربة المرأة -والشعر تجربة- متمثلا في ان الشخصية شربت السحابة … لبلوغ الخلود.. وهو أقصى ما يطلبه الشعر والشعراء والأصفياء…
الأمبروسيا عبارة عن شراب او رحيق
تشربه قد تناولته أنثى القصيد لتصير آلهة وتبلغ ما تبلغه الاسطورة… واي شأو تبلغه الشعرية!؟
ا=====
ثانيا في ايقاع التقطيع وموسيقاه
ا======
قد وقع تقطيع القصيد أسطرا ومقاطع تتخللهاالمشاهد الحركية للتعبير عن اكتمال التجربة الشعرية بالختام .. كيف؟!
بالبدء شربت الشخصية السحاب والغمام .. مما تسبب في حالة انبثاق
وتتوالى الحركة ليحدث أمر ثان وهو اعتقال الشخصية واقتيادها الى قضبان الحديد
مما يتسبب في حدث ثالث متمثلا في حدوث مفارقة عوضا عن التكبيل يتحول الى انعتاق وخلاص
وتتسارع الاحداث لتستقر بالنهاية على ما نسميه (التحول) إلى عاصفة تبتلع القادم من الآيام والآتي ..
وهنا روعة القصيد وهنا يظهر اشتغال الكاتبة الشاعرة بعمران نصها وانبنائه.. وقدرتها على استنطاق المعنى ..
ا=========
ثالثا في خلود الكلمة
ا======
إذا كان هوميروس يتحدث
في الأوديسة بمقطع «مينيلوس» ورجاله حين يتنكرون في جلود الفقمة غير المزخرفة، اذ يقول: «أزعجتنا الرائحة القاتلة لجلود الفقمة، لكن الآلهة أنقذتنا، أحضرت طعام الآلهة الشهي ووضعته تحت أنوفنا».
فإن الشاعرة راضية بصيلة بقصيدها تتنكر في جلد العاصفة وفي ثياب الغمام والضباب.. لتقول : أزعجني مذاق الخلود لكن القصيدة أحضرت ريق العاصفة الشهي ووضعته تحت أعيننا كقراء نتلذذ الصور الشعرية وتجربة القول الشعري على غير المعهود…
راضية بصيلة
دمت مبدعة راق لي النص وصوره وشعريته المخاتلة..
حين تصمت العاصفة
=============
.
.
ويحدثُ أن تشرب عاشقة سحابهْ
كم من الغيمِ يسكنُ عينيها،
كم من الأسئلةِ تحرقُ كفّيها،
كم من الغيظِ يُفتِّتُ صدرَ الريحِ
ولا تبوح…
.
.
ويحدث أن تلوي يديها السماءُ فتمشي،
تتناثرُ خطوتُها ظلًّا
يتكاثرُ،
يتناسلُ خلفها كالأسرارِ المنسيّة،
تلتفتُ… فلا تجدُها،
كأنها خفقةُ وهمٍ
في ضلوعِ الفراغ.
.
.
ويحدثُ أن تتسمّر في وجه قضبان الحديد
تَقبضُ كفُّها على مديةٍ
يسنّ الصمتُ حدَّها،
تلمعُ كبرقٍ مكسور،
وفي قلبِها
عاصفةٌ تُلوِّحُ بالرحيل،
لكنّها لا تبرحُ مكانَها.
.
.
ويحدث في غضبة السجان أن تتبعثر في العتمهْ
كم مرّةً نفضتِ الليلَ
بحثًا عن نجمةِ يقين،
كم مرّةً عانقتِ الصدى
فعاد إليها
أكثرَ صمتًا…
أكثرَ جرحًا…
أكثرَ توحُّدًا معها.
.
.
ويحدثُ أن تشرب عاشقةٌ ريق الضباب
هي التي لا تبوح،
لكنَّ الريحَ تحفظُ شهقتها،
والبراكينُ ترثُ غضبَتها،
والبحرُ،
حين ينعصرُ حزنًا مثلها،
يَهدرُ باسمِها
ثم يبتلعُهُ…
كما تفعلُ هي،
حين تبتلعُ العاصفةُ ملامحَها..
.
.
راضية بصيلة