مجلة “The American Prospect” تنشر مقالاً تقول فيه إنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وعملاق التكنولوجيا، إيلون ماسك، سيتسببان بانهيار الولايات المتحدة. وتشرح الأسباب.
نص المقال منقولاً إلى العربية:
بعد مرور شهر على إدارة ترامب الثانية، أعتقد أنّ من العدل الاستنتاج أنّ الإمبراطورية الأميركية، كما هي الآن، تسير في طريق الانهيار. وخصوصاً أنّ النظام العالمي، الذي تشكّل بعد عام 1945، والذي تربّعت الولايات المتحدة على قمّته، لم يعد موجوداً، وأميركا نفسها لا يمكنها فعل أيّ شيء بعد الآن، بسبب خلخلة أسس الإمبراطورية وهيكلها الناظم لبنيتها القائمة على التحالفات والشراكات، والتي تعرّضت لأضرار لا يمكن إصلاحها. والحلفاء، في أوروبا الغربية وتايوان واليابان وكوريا الجنوبية، وخصوصاً كندا، ينظرون إلى الولايات المتّحدة الآن بعين الريبة، إنّ لم يكن العداء الصريح، وهم محقّون في ذلك.
إنّ تاريخ أيّ إمبراطورية هو بمنزلة راوية لصعودها من جهة، وسقوطها المحتّم من الجهة الأخرى. كما كتب المؤرّخ هيرودوت، الملقّب بأبي التاريخ، عن دول المدن اليونانية، وتحديداً تلك التي “كانت عظيمة ذات يوم، وباتت ضئيلة الآن، والتي كانت صغيرة في الماضي أصبحت عظيمة اليوم”. مع ذلك، فلا سقوط لأيّ إمبراطورية يضاهي السقوط الحالي للإمبراطورية الأميركية، بسبب الغباء الفظيع المطلق.
في الحقيقة، من الصعب التفكير حتّى في منافس واحد للولايات المتحدة في هذا اللقب، مع أنّه كان هناك بالتأكيد عدد من القادة الإمبراطوريين الأغبياء عبر التاريخ، والذين ساهموا بضراوة في انهيار ممالكهم عبر الفوضى والتخبّط في الأخطاء. مثلاً، كان القيصر الروسي نيكولاس الثاني معتوهاً وغير كفء، وأقرب مستشاريه إليه كان دجّالاً، وقاد شخصياً الجهد العسكري الفاشل خلال الحرب العالمية الأولى، التي دمّرت ملكه في النهاية. لكن روسيا لم تتحمّل سوى جزء صغير من اللوم لبدء الحرب، وانهارت إلى جانبها إمبراطوريّات أخرى كانت أهمّ منها آنذاك، مثل ألمانيا والنمسا وهنغاريا، التي تحمّلت قدراً كبيراً من اللوم، بسبب توفيرها أسباب الحرب.
كانت الإمبراطورية الرومانية الغربية انهارت حين هُزم جيشها الكبير بقسوة من جانب القوطيين، الذين تبنّوا عدداً من التكتيكات العسكرية لعدوّهم. واستمرّت إمبراطورية أوروبا الشرقية ألف عام أخرى في إثر ذلك، لكنّها انهارت أيضاً في النهاية بعد هزيمتها العسكرية من جانب العثمانيين. فهذا هو مآل الإمبراطوريات المتّجه دائماً نحو السقوط في هزيمة في معركة، أو في انهيار بعد غزو، أو في محنة الصراع على السلطة والخلافة، أو بسبب كِلا الأمرين زائداً الفساد وسوء الإدارة، أو ببساطة طغت عليها قوّة أخرى، كما حدث عندما تراجعت الإمبراطورية البريطانية وخلّفتها الولايات المتّحدة.
على النقيض من ذلك، تسلّم الرئيس ترامب إمبراطورية في حالة رائعة. كان التحالف الأساسي لحلف شمال الأطلسي أقوى ممّا كان عليه منذ عقود، بحيث دفعت الحرب الروسية ضدّ أوكرانيا السويد وفنلندا إلى الانضمام إلى “الناتو”. وبفضل سياسات الرئيس بايدن، كان الاقتصاد الأميركي موضع حسد من دول العالم. والدولار كان لا يزال أهم عملة احتياطية، إلى حدّ بعيد، والولايات المتحدة تسيطر على خطوط الأنابيب المالية العالمية، كما أنّه لم تكن هناك تهديدات خطيرة تلُوح في الأفق، لا من روسيا المرهقة في الحرب الأوكرانية، ولا من الصين التي تعاني أخطار تزايد عدد السكّان.
الترامبية تضرب الثقة كونها صميم القوّة الأميركية
Discussion about this post