لندن – (وكالة الأنباء)
متابعة د. محمد خليل جبر
أعلنت الحكومة البريطانية، الجمعة، عن إطلاق خطة جديدة تسمح بإعادة القنادس إلى البرية في إنجلترا بعد اختفائها منذ قرابة 400 عام بسبب الصيد الجائر. يأتي هذا القرار ضمن جهود حكومية تهدف إلى تعزيز التنوع البيولوجي واستعادة التوازن البيئي، مع ضمان إدارة عملية إعادة التوطين بعناية لتجنب التأثيرات السلبية على الزراعة والبنية التحتية.
ووفقًا لبيان صادر عن وزارة البيئة البريطانية، سيتم السماح للقنادس بالعيش في البرية تحت إشراف دقيق، مع اشتراط حصول أي منظمة ترغب في تنفيذ مشاريع إعادة التوطين على ترخيص رسمي. كما ستخضع هذه المشاريع لمتابعة إلزامية لمدة 10 سنوات لضمان تحقيق الأهداف البيئية دون الإضرار بالمصالح الزراعية.
فوائد بيئية ومخاوف زراعية
تُعتبر القنادس، المعروفة بأسنانها الحادة وقدرتها على بناء السدود المائية، عنصرًا مهمًا في تعزيز التنوع البيولوجي. حيث تساعد هياكلها المائية في إنشاء الأراضي الرطبة، وتقليل تآكل التربة، وتحسين جودة المياه. ومع ذلك، يخشى المزارعون من أن تؤدي سدود القنادس إلى حدوث فيضانات قد تضر بالأراضي الزراعية.
وفي هذا الصدد، أكدت الوزارة أن عملية إعادة القنادس ستتم “بشكل مدروس” لتجنب أي تأثيرات سلبية على الزراعة وإنتاج الغذاء. كما أشارت إلى أن الخطة تتضمن إمكانية نقل القنادس أو حتى قتلها في حال تسببت في أضرار جسيمة، كخطوة أخيرة لحماية المصالح الزراعية.
ردود فعل متباينة
رحّب المدافعون عن البيئة بهذا القرار، معتبرين إعادة القنادس إلى البرية خطوة تاريخية نحو استعادة التوازن البيئي في إنجلترا. وقال توني جونيبر، مدير هيئة “ناتشرال إنغلند” المكلفة بحماية البيئة: “تغيب القنادس عن طبيعتنا منذ 400 عام، وهذا النهج الحذر يمثل خطوة مهمة نحو استعادة الطبيعة”.
رويسين كامبل بالمر، من مؤسسة “بيفر تراست”، من جهتها، وصفت القرار بأنه “لحظة تاريخية” يمكن أن تسهم في معالجة التحديات البيئية التي تواجهها المملكة المتحدة. وأشارت إلى أن بريطانيا “متأخرة كثيرًا” مقارنة ببلدان أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا وسويسرا، حيث أصبحت القنادس جزءًا من النظام البيئي منذ سنوات.
مخاوف المزارعين
في المقابل، عبّر المزارعون عن قلقهم من الآثار المحتملة لعودة القنادس، خاصة فيما يتعلق باحتمالية حدوث فيضانات. وقال توم برادشو، رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين: “يجب أن يكون للمزارعين الحق في التعامل مع القنادس إذا تسببت في أضرار، بما في ذلك قتلها إذا لزم الأمر”.
خطوة نحو المستقبل
يأتي هذا المشروع بعد نجاح عدة تجارب محلية لإعادة توطين القنادس في مناطق محددة من إنجلترا. وتأمل الحكومة أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق أهدافها البيئية الطموحة، مع الحفاظ على التوازن بين المصالح البيئية والزراعية.
وبينما تبقى المخاوف قائمة، يرى الخبراء أن إعادة القنادس إلى البرية قد تكون بداية لعصر جديد من التعايش بين الإنسان والطبيعة، يعود بالنفع على البيئة والمجتمع على حد سواء.
Discussion about this post