كتب رياض الفرطوسي
مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في العراق، تتسارع التحركات السياسية في مشهد يبدو أكثر سخونة من أي وقت مضى. وجوه غادرت المشهد ذات يوم تعود اليوم بملامح جديدة، مدفوعةً بطموح استعادة نفوذها، مستندة إلى شبكة علاقات داخلية وخارجية تعتقد أنها قادرة على إعادة تشكيل موازين القوى. لكنّ هذه العودة لا تبدو سهلة، فقد تغيّر المزاج السياسي، ولم تعد الجماهير تنظر بعين القبول لكل من يحاول إعادة تدوير المشهد القديم.
في المقابل، يواجه من أثبت حضوراً على الأرض موجة متزايدة من التشكيك ومحاولات التقليل من الإنجازات، لا لشيء سوى لأن نجاحه أصبح يشكّل تهديداً لمصالح قوى اعتادت أن تتحكم في المشهد دون مساءلة. لقد أظهر الأداء الحكيم قدرةً على معالجة الأزمات المعقّدة بهدوء وعمل دؤوب، وهو ما لم يكن متوقعاً من بعض الأطراف التي راهنت على الفشل، ظناً أن الساحة ستظل مفتوحة لرهاناتها الخاصة.
ما يجري اليوم ليس مجرد تنافس انتخابي، بل هو صراع بين نهجين: نهجٌ يريد استعادة السلطة بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو العودة إلى الممارسات السابقة، ونهجٌ يحاول التأسيس لمرحلة جديدة قوامها الإنجاز الفعلي، لا الوعود المؤقتة والشعارات المستهلكة. وهنا، يقف الشارع العراقي أمام اختبار جديد، فإما أن يمنح صوته لمن يعمل على ترسيخ الاستقرار، أو يسمح بعودة من جعلوا العراق ساحةً للتجارب السياسية والمغامرات غير المحسوبة.
المعركة لم تُحسم بعد، لكن المؤكد أن الزمن لم يعد كما كان، وأن الجماهير باتت تدرك أن العراق بحاجة إلى من يقوده بعقلية الدولة، لا بعقلية الحسابات الشخصية الضيقة. أما أولئك الذين يظنون أن بإمكانهم العودة إلى مواقعهم السابقة بنفس الأدوات والأساليب، فربما عليهم إعادة قراءة المشهد، لأن الرياح هذه المرة قد تجري بما لا تشتهي سفنهم.
Discussion about this post