يوسف حسن-
طرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اقتراحًا يقضي بنقل الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والسعودية والأردن. وفي تصريح صحفي، أشار ترامب إلى أنه ناقش مع الملك عبدالله الثاني ملك الأردن ورئيس مصر عبدالفتاح السيسي إمكانية استضافة اللاجئين الفلسطينيين في بلديهما، معتبراً أن غزة أصبحت منطقة مدمرة حيث يموت الناس، وأكد أنه يفضل التعاون مع بعض الدول العربية لبناء مساكن لهم في أماكن أخرى.
مواقف الدول العربية: رفض قاطع
واجهت هذه الخطة رفضًا حادًا من الدول العربية المعنية. فقد أبدت مصر، التي تعاني من أزمات اقتصادية وأمنية، رفضها لاستقبال هذا العدد الكبير من اللاجئين. بدورها، رفضت السعودية هذه الخطة لأسباب أمنية وسياسية، في حين اعتبرت الأردن، التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، أن الخطة غير عملية وغير منطقية، مؤكدة أن تنفيذها قد يهدد استقرارها الداخلي. وفي رد جماعي، اجتمع كبار الدبلوماسيين من مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر في القاهرة لرفض أي عملية تهجير قسري للفلسطينيين، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تهدد استقرار المنطقة، وضرورة الوصول إلى حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناءً على حل الدولتين.
هل تعتبر هذه الخطة من ترامب النهائية؟
في سياق الأساليب الدبلوماسية التي يتبعها ترامب، يمكن أن نطرح احتمالًا مفاده أن اقتراح نقل الفلسطينيين إلى دول الجوار ليس هو الخطة النهائية، بل هو مجرد خطوة تمهيدية في إطار استراتيجية دبلوماسية معقدة. يرى بعض المحللين أن الهدف الحقيقي لترامب قد يكون تحويل قطاع غزة إلى منطقة سياحية واقتصادية تحت إشراف محمد دحلان، السياسي الفلسطيني المقرب من الإمارات، وهو ما يمكن أن يسهم في تهدئة الأوضاع الأمنية وتقليص التهديدات ضد إسرائيل. هذه الخطة قد تتضمن إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى مركز اقتصادي، مما يقلل من مشاعر التوتر والاحتقان.
الاستراتيجية الدبلوماسية لترامب: “الضغط الأقصى”
لقد أظهرت سياسة ترامب الخارجية في العديد من القضايا الدولية أنه يعتمد في بعض الأحيان على استراتيجية “الضغط الأقصى”، حيث يطرح في البداية مقترحات شديدة ومثيرة للجدل بهدف التوصل إلى تسوية أكثر قبولًا في النهاية. من هذا المنطلق، قد يكون اقتراح نقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة مقدمة لطرح الخطة الأوسع التي تتضمن إدارة غزة من قبل الإمارات العربية المتحدة، بحيث تصبح المنطقة مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا. هذه الاستراتيجية مشابهة لتكتيكاته في التعامل مع ملفات أخرى، مثل الأزمة الإيرانية والحرب في أوكرانيا والعلاقات مع أوروبا وروسيا، حيث بدأ باستخدام التصريحات القوية ثم تراجع إلى حوار أكثر مرونة.
التحديات والمعوقات في تنفيذ الخطة
إن تنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين إلى الدول المجاورة ليس بالأمر السهل، فالنقل القسري لملايين البشر يمثل تحديات كبيرة، خاصة في سياق حساس مثل غزة. فضلاً عن أن أي محاولة لتحويل إدارة غزة إلى يد محمد دحلان قد تواجه مقاومة شديدة من الدول العربية المجاورة، مثل مصر والأردن، اللتين لا ترغبان في أن تلعب الإمارات دورًا رياديًا في إدارة غزة. قد يتسبب هذا في توترات إضافية في المنطقة، خاصة إذا تم فرض هذا التغيير من قبل الولايات المتحدة.
الخلاصة: خطة أكثر تعقيدًا من المتوقع
في الختام، من المحتمل أن تكون خطة ترامب لنقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة ليست هي الخطة النهائية، بل جزءًا من استراتيجية دبلوماسية أوسع تهدف إلى تحويل غزة إلى منطقة تحت الإدارة الإماراتية برعاية أمريكية. إذا تم تنفيذ هذه الخطة، فقد يسهم ذلك في تقليل التهديدات الأمنية ضد إسرائيل وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا في غزة. ومع ذلك، فإن مقاومة سكان غزة والمنظمات السياسية مثل حماس تشكل عقبة رئيسية أمام تنفيذ هذه الخطة، مما يجعل من غير الممكن فصل الشعب الفلسطيني عن هويته وحقوقه التاريخية في هذه الأرض.
Discussion about this post