بقلم لجين شميس :
تخيّل أن هناك مدينة قديمة في سوريا تُدعى إبلا، كانت قبل آلاف السنين تزدهر بالعلم والمعرفة، في زمنٍ لم يكن فيه لا كتب مطبوعة ولا وسائل تواصل كما نعرفها اليوم.
وفي عام 1974، وبينما كان فريق من علماء الآثار ينقب بهدوء، عثروا على كنز لم يكن من الذهب أو المجوهرات… بل كان كنزًا من المعرفة: مكتبة كاملة مدفونة تحت الأرض.
كانت مكتبة إبلا شيئًا لا يكاد يُصدق بالنسبة لذلك العصر. فقد اكتشفوا أكثر من سبعة عشر ألف لوح طيني، مكتوبة بلغة قديمة عبر الكتابة المسمارية.
كانت هذه الألواح تحوي كل شيء: قصصًا، معاهداتٍ، قوانين، سجلاتٍ تجارية، بل وحتى ما يمكن أن نعدّه من أوائل القواميس في تاريخ البشرية.
الأجمل من ذلك، أن بعض النصوص ذكرت أسماء مدن نعرفها حتى يومنا هذا، مثل دمشق وحماة، مما يدلّ على أن السوريين في تلك العصور لم يكونوا مجرد سكان عابرين، بل كانوا أصحاب حضارةٍ عظيمة، تكتب وتنظم وتفكر.
وعندما بدأ العلماء بقراءة تلك الألواح، ذُهلوا بتشابه بعض القصص مع الروايات الدينية المعروفة لاحقًا، كقصة الطوفان، ولكن بنسخٍ أقدم مما كنا نعرفه.
بمعنى آخر…
لم تكن سوريا مجرد طريق تمر به الحضارات، بل كانت مهد حضارات، ومركز إشعاع فكري وثقافي للعالم بأسره.
ومكتبة إبلا كانت دليلاً ناطقًا أن السوريين كتبوا التاريخ، قبل أن يعرف العالم أصلاً ما معنى كلمة “تاريخ”.
Discussion about this post