يتملكني احيانا حنين إلى شيٍ لا أعرفه أنظر إلى الوراء بكل ما أوتيت من مدارك ولا أشخص إلى شيءٍ بعينه كل ما في الماضي يعنيني على الجملة الإبريق العتيق والفناجين المثلومة وأذان مسجدنا القديم والأولاد الذين كانوا يلعبون بالحارة ورفاقي في المدرسة الذين كنا نتنافس على اللعب والمقعد
أشعر بالحنين إلى السطحية البريئة التي لا تسائل الأشياء ولا تدرس النيات ولا تعجن الكلام ولا تحترف الاصطفاف في صفوف من وهم وسرابٍ وأخيلة.
و إلى البساطة التي لم تتورط في حبائل التكلف ولم تقترف فنون التشبع الزائف المقيت الأجوف
و إلى الجلال الذي كان يكسو الأشياء من غير قصد منها ولا تصنع
ذلك الصمت المهيب الذي لا يحيق به الوجوم ولا يحيط به الملل ولا تطاله ثرثرات الأفواه
إلى كلمة مرحبا” التي كانت تقولها امرأةٌ عجوز لرجلٍ طاعنٍ في السن قصد بيت زوجها الغائب فلم تكسر للضيف القاصد خاطراً ولم تقطع له رجاء فقالت: مرحبا تفضَّل في ديوان الرجال وجاءت إليه بحقه
و إلى تلك الذمم والأرواح والمهابة التي ظلت على يقينٍ فلم ينل منها شك إلى أن جاءها اليقين؛ فذهبت في معيته ذهاب الأشواق الصادقة حال الأحضان الدافئة المرهفة.
Discussion about this post