تشهد العاصمة دمشق وريفها ارتفاعا ملحوظا في إيجارات المنازل يفوق دخل المواطن السوري، وإمكانياته المادية، فبالرغم من تحسن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في الفترة الماضية، إلا أن إيجارات الشقق في مدينة دمشق وريفها لم تشهد هبوطا يوازي تحسن سعر صرف العملة المحلية، وهو يتفاوت من منطقة إلى أخرى حسب قربها من مركز العاصمة، وطبيعة الخدمات المقدمة فيها، إضافة إلى مساحة المنزل، ودرجة إكسائه، حيث تتراوح أسعار إيجارات المنازل بين ١٣٠٠ و٤٠٠٠ دولار في بعض الأحياء مثل كفرسوسة والمالكي، وتهبط إلى ما بين ٤٥٠ و٨٠٠ دولار في مناطق أخرى مثل القصاع وباب توما ، على الجهة المقابلة تسجل أسعار الإيجارات في ريف دمشق أرقاما منخفضة عن العاصمة لكنها تبقى مرتفعة مقارنة بمعدل الأجر الشهري للموظف السوري والذي يقارب ٤٠ دولار، حيث تتفاوت الإيجارات بين ١٥٠ و٤٠٠ دولار في مناطق مثل صحنايا ونهر عيشة ، وتنخفض لتتراوح بين ٧٥ و١٥٠ دولار في عرطوز وسقبا مثلا.
كل هذه الأرقام لا تنهي كابوس المستأجر الذي يفرض عليه تسديد إيجار المنزل لمدة عام كامل، أو ستة أشهر على أقل تقدير بذريعة تقلب سعر الصرف وعدم ثباته، إضافة إلى عمولة للمكتب العقاري تعادل إيجار شهر واحد.
يؤكد أصحاب المكاتب العقارية أن أسباب الارتفاع في إيجارات المنازل تعود إلى ارتفاع الطلب نتيجة عودة عدد كبير من النازحين والمهجرين إلى مناطقهم بعد سقوط النظام، وامتلاكهم لحرية الحركة، وسهولة الوصول إلى هذه المناطق بعد سنوات من الحرمان، إضافة إلى الركود الحاصل في السوق السورية، وفقدان الكثيرين لأعمالهم، مما دفع أصحاب العقارات لرفع أسعار الإيجارات، والاعتماد عليها كمصدر دخل وحيد لتأمين متطلبات المعيشة المرتفعة.
من جانبهم أرجع عدد من الخبراء الاقتصاديين المهتمين بالشأن السوري حسب بعض وسائل الإعلام التي تطرقت للموضوع أسباب الارتفاع إلى عدة عوامل منها عودة السوريين بعد التحرير إلى مناطقهم ومدنهم، إضافة إلى قلة العرض أمام الطلب نتيجة الدمار الكبير الذي طال الأحياء السكنية خاصة في ريف دمشق ، والذي أدى إلى خروج الآلاف منها عن الخدمة، وغياب المشاريع السكنية الجديدة الذي جعل العرض ثابت مقابل زيادة واضحة على الطلب، فضلاعن السياحة الموسمية لعدد من السوريين العائدين من الخارج إلى دمشق، والذي شكل ضغطا إضافياعلى السوق العقارية.
قد يشكل إطلاق مشاريع سكنية جديدة في سوريا، إضافة إلى رفع معدل دخل المواطن أحد الحلول لهذه المشكلة التي باتت تؤرق عقول شريحة واسعة من المجتمع السوري مازالت مضطرة إلى الاستئجار وسط كل الظروف الصعبة والأسعار الملتهبة، وفي ظل غياب أي إجراءات قانونية من قبل الدولة لوضع آليات واضحة لتسعير إيجارات العقارات في دمشق وريفها، يبقى المستأجر تحت رحمة مالك العقار الذي يبدو إلى الآن أنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تحديد سعر إيجار عقاره، حيث ينتظر المستأجر تغير الظروف إلى الأفضل، أملا في امتلاك منزل يؤويه مع أسرته، ويقيه شر الاستئجار الذي بات يكلفه الكثير.
✒️ ركان خضر
Discussion about this post