تحسن الواقع الكهربائي في سوريا… بين الأحلام والواقع
تعاني سوريا من أزمة حادة في التغذية الكهربائية، كانت تتفاقم وتتضاعف عبر السنوات الماضية حتى وصلت في بعض الفترات إلى أكثر من 20 ساعة قطع في اليوم الواحد في مشهد جعل البلاد وكأنها جزيرة خارج العالم تعيش في ظلام دامس، في إحدى الصور المأساوية للحرب السورية التي مضى على بدايتها أربعة عشر عاما.
أسباب متعددة وراء المشهد القاتم
تتعدد الأسباب التي أدت إلى أزمة الكهرباء الخانقة التي تعيشها البلاد من الانهيار الكبير في البنية التحتية الذي لم تسلم منه محطات الطاقة الكهربائية، فبحسب بعض وسائل الإعلام، تدمرت أكثر من 30 محطة طاقة، وتعرض ما لايقل عن 40% من خطوط الجهد العالي في البلاد للتلف بسبب عدم توفر قطع الغيار التي يصعب تأمينها في ظل العقوبات الغربية ، وشح السيولة في خزينة الدولة، كما أن نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات يعد سببا آخر فاقم من المشكلة، حيث تراجعت واردات الفيول من 15 ألف طن إلى 1200 طن، وانخفض إنتاج الغاز من 20 مليون متر مكعب إلى 8 ملايين متر مكعب في اليوم الواحد في عجز واضح عن تلبية الطلب الداخلي.
يضاف إلى السببين السابقين العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، والتي عقدت من عمليات توريد المعدات والتكنولوجيا لصيانة محطات الكهرباء.
واقع مأساوي ونتائج كارثية
تتعدد الآثار السلبية لهذا الواقع المرير الذي يشكل عبئا ثقيلا على مختلف القطاعات ، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج التي يتحملها المستهلك في نهاية المطاف، إضافة إلى تراجع خدمات المراكز الصحية التي تعتمد على الكثير من الأجهزة العاملة بالطاقة الكهربائية، والذي يؤثر سلبا على حياة المرضى ويجعلها مهددة بالخطر، كما أن طلاب المدارس والجامعات ليسوا بمنأى عن هذا الواقع المؤسف، حيث يضطرون في هذه الظروف المعقدة للدراسة في ظل أضواء خافتة وغير مناسبة، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية قد تؤثر على وضعهم الصحي مستقبلا.
خطوات لإصلاح الواقع المزري
اتخذت الدولة السورية بعد التحرير خطوات عديدة في مجال إصلاح الواقع الكهربائي في البلاد، كان من أبرزها توقيع مذكرة تفاهم مع تحالف دولي تقوده شركة “أوروباكون القابضة” القطرية، ويضم شركات متخصصة من تركيا وأمريكا وأوروبا، والتي تمتلك خبرات طويلة في تشغيل محطات الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار، أملا في تحول نوعي في شبكة الكهرباء الوطنية، بهدف الوصول إلى طاقة إنتاجية تصل إلى 5000 ميغا واط، مما يؤدي إلى تطوير جودة الخدمة، وزيادة فرص العمل، والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بصورة عامة.
بين الواقع والأحلام
تشكل هذه المشاريع الاستثمارية آمالا عريضة أمام المواطن السوري الذي عانى الويلات خلال السنوات الماضية، وتفتح المجال أمام تحسن الظروف المعيشية والخدمية على مختلف الأصعدة ، أملا في الخروج من النفق المظلم إلى النور المرتقب الذي طال انتظاره، وتبقى الأيام القادمة كفيلة بتوضيح صورة المشهد من حيث تحسن الواقع الكهربائي في البلاد بين الواقع والأحلام.
نموذج يُحتذى في خدمة الوطن والمواطن”
من منطلق أن قلم الصحافة ليس وظيفته النقد فقط، بل هو أيضاً مرآة تعكس الإيجابيات وتسلّط الضوء على النماذج المشرفة، فإننا نرى من الواجب أن نوجه كلمة شكر وتقدير للسيد مدير ناحية...
Discussion about this post