تكاد تكون الأرقام صادمة ومفزعة لا يتصورها عقل، ولا يتحملها قلب تفوق قدرات الاقتصاد السوري بكثير، وتحتاج إلى ميزانيات دول اقتصادية كبرى، نعم إنها الحرب التي لا تعرف سوى لغة الدمار والخسائر ، ثم ترحل تاركة ورائها جراحا نازفة وقلوبا دامية، وأوجاعا هائلة وإرثا ثقيلا ربما يحتاج عشرات السنين لإصلاحه وقد يكون أكثر.
أرقام دولية صادمة
كشف تقرير أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن خسائر الناتج المحلي السوري بلغت نحو 800 مليار دولار ، في ظل توقعات بحاجة الاقتصاد السوري لعقود لاستعادة مستوياته قبل الحرب ، إلا إذا تمت زيادة معدلات النمو بشكل هائل عبر استثمارات ضخمة وإصلاحات شاملة.
بنية تحتية مدمرة وخدمات متهالكة
بحسب بعض الأرقام الدولية فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف قيمته قبل الحرب، وتضاعف معدل البطالة ثلاث مرات، حيث بات واحد من كل أربعة سوريين عاطلا عن العمل، إضافة إلى 90% يعيشون تحت خط الفقر ، كما تضررت أكثر من نصف محطات معالجة المياه والصرف الصحي،عدا عن انخفاض إنتاج الطاقة بنسبة 80% .
معرض دولي للإعمار واستثمارات بمليارات الدولارات
يذكر أن الحكومة السورية كانت قد أعلنت منذ أيام عن إقامة معرض ” إعمار”
لإعادة إعمار سوريا وذلك في الفترة من ال29 تشرين الأول إلى ال 1 من تشرين الثاني المقبل.
كما شهدت الفترة الماضية توقيع دمشق لاتفاقيات بمليارات الدولارات في مجالات عدة، كان أبرزها مشروع توليد الطاقة الذي سينفذه تحالف شركات قطرية – تركية – أمريكية بقيمة سبعة مليارات دولار مستفيدة من تخفيف العقوبات الغربية عن البلاد.
ضرورة توفير بيئة استثمارية مناسبة
يؤكد بعض الخبراء الاقتصاديين على ضرورة ترتيب البيت الاستثماري الداخلي من النواحي القانونية، والإجرائية والإدارية، والمبادرة إلى وضع خريطة للاستثمار تضمن جذب وتوجيه المستثمرين إلى الفرص والقطاعات التي تشكل أولوية بالنسبة إلى سوريا واقتصادها، وبصورة تتحقق معها خطوات ملموسة على طريق إعادة الإعمار ، وتحسين معيشة السكان، وتوفير فرص العمل.
الاستثمار الأجنبي بين الإيجابيات والسلبيات
قد يساهم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في زيادة النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية من خلال تحسين البنية التحتية، وخلق فرص العمل، ونشر وتوطين التكنولوجيا الحديثة، وتوفير الموارد المناسبة لتمويل الاستثمارات ، وتوسيع القاعدة الاستثمارية في البلد المضيف، وكذلك التعرف على الأساليب الحديثة المتبعة في التنظيم والإدارة، والاتصال والتسويق، مما يؤدي إلى اكتساب العمالة الوطنية لمهارة أعلى، وخبرة أكبر.
على الجهة المقابلة قد يحمل الاستثمار الأجنبي بعض التأثيرات السلبية مثل فقدان الدولة للسيطرة على الموارد والقطاعات الاستراتيجية ، إضافة إلى احتمالية ممارسة الشركات الأجنبية ضغوطا على الحكومة لتغيير سياساتها الاقتصادية، كالسياسات الضريبية والتجارية، وقوانين العمل لتحقيق مصالحها الخاصة.
هل تنجح المساعي الحكومية في تحقيق أهدافها؟
في ظل صورة ضبابية، ومرحلة معقدة تمر بها البلاد بعد 14 عاما من الحرب والحصار دفع فيها السوريون الكثير على مستوى الأرواح والممتلكات، وأدت إلى تدمير البنية التحتية ، وإحداث شلل في عديد القطاعات الاقتصادية، تسعى الحكومة السورية لجذب بعض الاستثمارات الاقتصادية الخارجية أملا في إنعاش الاقتصاد المحلي المدمر، وتحسين الخدمات المتهالكة، في ظل ترقب المواطن السوري الحالم بالانتقال من الواقع المرير إلى مستقبل أفضل، وسط انقسام حاد بين متفائل ومتشائم، وتبقى الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن جدوى التحركات الحكومية من عدمها
Discussion about this post