بقلم : صافي خصاونة
القرار الأمريكي الأخير بإلغاء تأشيرات الرئيس الفلسطيني محمود عباس وما يقارب ثمانين مسؤولًا فلسطينيًا آخر ومنعهم من حضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لا يمكن النظر إليه على أنه إجراء إداري عابر بل هو خطوة سياسية خطيرة تعكس حجم الانحياز الأمريكي السافر لصالح الاحتلال الإسرائيلي .
هذا القرار يأتي في إطار سياسة أوسع تهدف إلى الضغط على القيادة الفلسطينية وإسكات الصوت الفلسطيني عن أهم منبر دولي يُفترض أن يكون مساحة للحوار وطرح القضايا العادلة .
إنه باختصار محاولة لعزل القضية الفلسطينية وتجريدها من حقها الطبيعي في فضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي .
والأدهى من ذلك أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سارع إلى الإشادة بالقرار واعتبره عادلاً وذا وضوح أخلاقي وكأن العدالة والأخلاق يمكن أن تُختزل في حرمان شعب تحت الاحتلال من حقه في التعبير عن معاناته.
إنّها مفارقة مؤلمة فالاحتلال الذي يمارس القتل والدمار والحصار هو نفسه الذي يدّعي تمثيل الأخلاق والعدالة هذه الازدواجية الفاضحة تكشف كيف يحاول الاحتلال قلب الحقائق وتحويل الضحية إلى متهم والجاني إلى ضحية .
القرار الأمريكي يحمل رسالة واضحة وهي ان واشنطن لم تعد ترى في القيادة الفلسطينية شريكًا سياسيًا بل طرفًا يمكن تجاوزه أو معاقبته متى شاءت .
وفي المقابل تفتح كل الأبواب أمام الاحتلال ليواصل سياساته القمعية والاستيطانية بلا حسيب أو رقيب .
إنها سياسة تكريس العزلة والضغط بما ينسجم مع أجندة إسرائيلية تسعى إلى محو الصوت الفلسطيني من الساحة الدولية .
لكن الحقيقة التي يتجاهلها الجميع هي أن عزل القيادة الفلسطينية عن الأمم المتحدة لن يلغي جوهر القضية ولن يطمس حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال .
فالقضية الفلسطينية أعمق من قرار تأشيرات وأكبر من لعبة سياسية بين واشنطن وتل أبيب .
انها قضية شعبٍ يواجه الاحتلال منذ عقود ولا يزال يقدم الدماء والتضحيات دفاعًا عن أرضه وكرامته .
وفي الختام فقد يغلقون
الأبواب ويُلغون التأشيرات لكنهم لن يستطيعوا إلغاء حق شعب كامل في الحياة والحرية .
وسيبقى صوت فلسطين حاضرًا في كل ساحة يدوّي من غزة والقدس والضفة ومن كل قلب عربي حر حتى تتحقق العدالة وتشرق شمس الحرية على أرض فلسطين .
#صافي_خصاونه
Discussion about this post