قراءة نقدية تحليلية لنص ” حد اليقين ” للإعلامية و الأديبة الشاعرة السورية الدكتورة الهام عيسى.
تصدير :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ : الأنفال : (2)
#القراءة
حد اليقين : عتبة النص : تعريف اليقين (معجم المعاني)
لغةً: هو العلم الذي لا شك فيه، وإزاحة الشك.
اصطلاحًا: هو اعتقاد الشيء اعتقادًا تامًا ومطابقًا للواقع بحيث لا يمكن زواله أو الشك فيه مطلقًا.
يبدو أن الشاعرة في حالة انتظار فقد “تأخر الصباح” على غير المألوف :و هذا دليل على أنه كان لها مواعيد مع صباحات كثيرة ؛ نستنتج : بينهما ألفة ،و الصباح ولادة جديدة من رحم الظلام (صباح النص تخيم عليه العتمة).
أمنياتها بين القلق و الخوف :و الأمنيات تُرفع لا تعوقها حواجز و إن بقيت بين سماء و أرض .
مشهد :الحرائق /الردم /بقايا الأطفال :نقلته الشاعرة بالعين المجردة :يملأ العيون . مشهد الخسوف الذي تحجب فيه الأرض ضوء القمر مرتبط بمشهد تأخر الصباح :لوحة أولى و مشهد من صميم الواقع الغزاوي (حجب الحقيقة ).
تأخر الصباح و لكن نادى المنادي “ادخلوها بسلام …” هذه الجملة الفعلية نجدها في مداخل المدن مردفة بكلمة “آمنين” ،حتى يستأنس الزائر بها و أهلها و يطمئن قلبه ، و كذلك هي آية للمبشرين بالجنة و
مع فعل “اسرجــوا ” بين الإضاءة و سرج الفرس : و المعنى الذي ذهبت إليه الشاعرة إضاءة الليالي ” بشعاع النور “إلى جذع نخلة : و النخلة هذه الشجرة المعمرة الشامخة كان جذعها مأمنا عن عيون “ظلام العالمين ” أين كان الدعاء و تأمينه : ” اللهم آمين ” /الشاعرة تضع أو ترسم حدودا و مأمنا من بطش الجبابرة .
في جزءه الأخير ” النص” كانت الشمس في خجل : فهل يُعقل لمصباح الكون أن يفتح ذراعيه في خجل ؟ عهدنا والشاعرة مع الشمس تهزم الظلام و لم تتخلف يوما عن شروقها و لو من تحت الغيوم و لم تأتِ يوما بهذا ” الوجل ” . خوف الشمس أن توقظهم ؟؟؟ هل هي يقظة للذين يعانون سكرات الموت و هم على حوافها أم للذين يتجاهلون هذه المشاهد و كأن الموت جاثوم على صدورهم ؟
يلاحظ المتلقي “التناص القرآني ” كان مكثفا ،فما هي الغاية التي جعلت من الشاعرة تكثيفه حيث لم يغب عن معظم سطور النص ؟
بعد استخراجه أكيد جدا سنصل إلى الغاية عند حزم عناصر القراءة .
التناص القرآني في النص :
“إن ظهور التناص في الشعر المعاصر يدل على ثقافة شمولية لهؤلاء الشعراء … و القرآن الكريم مصدر من المصادر التي ينهل منها الشاعر لإبراز أعماله الأدبية من جمالها وروعة صياغتها و الإستشهاد به ولو بكلمة واحدة . و قد أباح أهل العلم تضمين القرآن الكريم في الشعر . ”
انطلاقا من العنوان عتبة النص : حد ” اليقيـــــن ” : العديد من الآيات القرآنية وردت فيها هذه الكلمة : ” وجئتك من سبإ بنبإ يقين (النمل 22) ، “ما لهم به من علم إلا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا (النساء 157)، إن هذا لهو حق اليقين (الواقعة 95)… للتذكير فإن هذه المفردة لم ترد لا فعلا ماضي و لا أمرا مما يدل على أن اليقين فعل مستمر يقوم به الموقن قياما لا ينقطع حيث يكون دائما و راسخا فيه .
عتبة النص جاءت مقترنة بلفظ “حد” ،فهنا أمر جازم و قطعي : الوصول إلى اليقين، يقول ابن القيم : منزلة اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد و عكسه الريبة و الشك : قال تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا (الحجرات 15).
قلت أعلاه التناص يكون و لو بكلمة و السطر الأول الذي جاء فيه الصباح متأخرا ، هذه المفردة و مشتقاتها وردت بالقرآن الكريم “… صباح المنذرين “(الصافات 177) و الله عز وجل “فالق الإصباح” فكيف يتأخر صباح الشاعرة ؟ هذا شعور و إحساس بأن الظلم لم تنقشع غُمتُه بعد و الظلم من الظلام و عكسهما : فالأمنيات رسائل : لو يأتي الصباح في موعده المألوف ، اقترنت بالخوف : “فإذا جاء الخوف … (الأحزاب 19) . …ءامنهم من خوف (قريش 4) . …و ردم في الخسوف : … وخسف القمر (الواقعة) . أينما تحل / أينما تكونوا :وردت بسورة النساء . /أينما يوجهه بسورة النحل .أينما ثقفوا بسورة الأحزاب .
يملأ العيون : لم أجد تناصا حرفيا بل كان المعنى قريبا جدا في سورة المائدة : ترى أعينهم تفيض من الدمع .
نادى المنادي :/وقد وردت في سورة ق : و استمع يوم ينادي المنادي
ادخلوها بسلام …/ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود/ ق 34
ادخلوها بسلام آمنين / الحجر 46
اسرجوا :قد ذكرت أعلاه بمعنى أنيروا/ و جعل فيها سراجا:( الفرقان ) و جعلنا سراجا وهاجا :النبأ13
حيث أوت إلى جذع نخلة :فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة /مريم23
هربا من ظلام العالمين : و السطر واضح جدا و يتحدث على شقين : الظالم و المظلوم : إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير حق /الشورى 42
الشمس :
مفردة الشمس وردت في العديد من الآيات القرآنية و قد أقسم بها الله تعالى في سورة الشمس الآية 1/و الشمس و ضحاها
تخفض جناح الذل : واخفض لهما جناح الذل :الاسراء24
سكرة الموت وردت بسورة ق /و جاءت سكرة الموت .
في حزم القراءة بين التقديم و ما ورد من تناص قرآني نرى صورة الشاعرة التي وجهت وجهها إلى الله عز وجل كأنها تقول : اللهم لا ملجأ منك إلا إليك / مع “الهروب إلى جذع النخلة و الدعاء . ”
عددت من الآيات الربانية :الصباح / الخسوف /الجنة / الليل /الشمس /سكرة الموت / الموت .
بين الظلم و الظالمين و المستضعفين المغتصبة أرضهم و الباحثين عن الطمأنينة و لا سبيل أمامهم إلا الدعاء : “اللهم أمين “.
النص تأخر صباحه : النور يعيش مخاضا عسيرا في علاقة بصورة جذع النخلة ،الشمس في خجل : خيط رفيع و رابط يدل على الصراع لأجل الحياة ففي فعل “اسرجوا “تحفيز الشاعرة على الصمود و المقاومة و أن النور آت لا محال .
النص بين يقينين و هما واحد :أوله العتبة و أخره “اليقين بالموت” ، رغم موضوعه الرئيسي الذي يتحدث عن ” الحرائق/الردم/بقايا أطفال /ظلم الطغاة /التهجير “الهروب إلى جذع النخلة “/الصمت و الأنين …فالشاعرة بحثت في بعض دلائل الخالق و كأنها تقول : و عند الله تلتقي الخصوم رافعة يداها بالدعاء “اللهم آمين” بعد قراءتها لأم الكتاب على أرواح الشهداء .
فالمشهد كان شاحبا بالحرائق و الردم و موجعا ببقايا الأطفال .
فيتضح مما تقدم أن غاية الشاعرة من هذا التناص : منح نصها سمة التصديق باستلهامها من ” النص القرآني ،” مما يدل على تشربها ” للقرآن الكريم” و فهمها لدلالاته و معانيه فأتقنت توظيفه حتى يخدم شعرها كان عن طريق المباشر : ” جذع النخلة ” ، ” نادى المنادي …” او التلميح : الصباح / الشمس . فكانت الصور صادقة أثرت تأثيرا مباشرا في المتلقي .
بقلمي سعيدة بركاتي / تونس
النص
حد اليقين ..
تاخر الصباح على غير المالوف ..
الامنيات تعبر فوق الحواجز بهجس وخوف ..
حرائق تلتهم الزوايا وردم في الخسوف ..
اينما تحل .. بقايا اطفال يملأ العيون
/////////
نادى المنادى ادخلوها بسلام ..
واسرجوا لياليكم بشعاع النور
حيث أوت الى جذع نخلة
هربا من ظلام العالمين
فقالت بصمت وأنين ..
اللهم آمين ..
إلهام عيسى
///////
الشمس تفتح ذراعيها بخجل
لم اعهدها من قبل بهذا الوجل
تخفض جناح الذل كي لا توقظهم
فسكرة الموت جاثمة حد اليقين
#المراجع
shiaonlinelibrery.com
https://unissa.edu.bn/journal/index.php/jall/article/view/482
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/63619/
https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://alarabiahconferences.org/wp-content/uploads/2018/12/
https://faculty.ksu.edu.sa/ar/walzeage/publication/246515
Discussion about this post