في زمنٍ صار فيه البريق يغري أكثر من الحقيقة.
كثيرون يُساقون نحو منصاتٍ تُغلّف الوهم بعباراتٍ برّاقة عن الربح والازدهار، فيصدقون أن الطريق إلى الثراء لا يحتاج إلا إلى نقرةٍ واحدة، لكنهم لا يعلمون أن خلف كل وعدٍ سريع، فخّاً بارداً ينتظر الطيّبين.
مروّجون يبيعون الأحلام، ويتاجرون بآلام الناس وآمالهم.
يتحدثون عن: الموثوقية، المصداقية، والاستمرار.
ويصدقهم الطيبون، لأن الصياد ماهر يتحدث بلهجة الحالم، لا بلهجة التاجر.
أو ربما أرادوا أن يصدقوا، ليس لأنهم اقتنعوا، بل لأن قلوبهم كانت عطشى للأمل.
يحملون ذلك الأمل ومن روّج له بين أكتافهم ويحمون اسمه، يصدقون بريقه، يظنون أنه النور الذي يمشي بهم إلى الأمان، ويرفعونه كمن يرفع قلبه نحو السماء، يمنحونه ظلهم ليحتمي..
لكنه يزرع خطواته فوق تعبهم بهدوءٍ يشبه نعومة الأفعى حين تزحف على الرمل، لا تُحدث صوتاً، لكنها تترك سُمّها في الأثر،
ويمد جذوره في قلوبهم مثل زهرة سامة تنمو بين أيادٍ تحنو عليها.
يبتسم لهم كضوءٍ دافئ يخفي برد الخيانة تحت جلده الناعم.
المنصات الاحتيالية لا تسرق المال فحسب، بل تسرق الوعي قبل ذلك.
تُقنع الناس أن النجاح يُشترى، وأن الاختصار يُغني عن الجهد، فتجعلهم أسرى الطمع والخوف في آنٍ واحد.
الحذر لا يعني التشاؤم.
بل هو احترامٌ لتعبك، وصونٌ لجهدك، ووفاءٌ لسنواتك.
قبل أن تستثمر مالك، استثمر وعيك..
واطرح الأسئلة الصعبة قبل أن تُسلّم إجاباتك السهلة لمن لا تعرف.
أخيراً تذكّر:
أن الربح الحقيقي هو وعيٌ يبقى، لا رقمٌ يزول..
وأن الطريق النظيف، وإن طال، خيرٌ من الوعود السريعة التي تنتهي إلى العدم.
فإلى كل من يحلم بمستقبلٍ كريم:
لا تجعل بريق المال يخدع بصيرتك..
فالمال الذي يُكسب بالوهم، يُفقد بالحقيقة.
واجعل وعيك بوصلتك، فهو الاستثمار الوحيد الذي لا يخسَر أبداً.
دمتم بوعي
Discussion about this post