يأتي التاسع عشر من تشرين الثاني ليذكّرنا بأنّ “اليوم العالمي للرجل” ليس احتفالاً بقدر ما هو اختبار مبسّط:
هل نملك رجالاً فعلاً، أم أننا نكتفي بـ“ذكورة مرتفعة الصوت قليلة الأثر”؟
الرجولة، بمعناها الأكاديمي، ليست هرمونات ولا استعراضاً. الرجولة قدرة على اتخاذ قرار رصين، تحمّل مسؤولية، ضبط النفس، والوقوف أمام الوقائع بلا تبرير.
الذكورة تهتف.. الرجولة تعمل.
الذكورة تعلو نبرتها في الشارع. الرجولة ترفع مستوى الفعل حين يسكت الجميع.
ولهذا تتراكم الأزمات: كثير من الصراخ… قليل من الرجال الفاعلين.
في السياسة، تتضح المفارقة أكثر. الدول لا تُقاد بعضلات، ولا بخطابات تحفّز الضجيج، ولا بإدارةٍ تعتمد “الفزعة”.
الدول تحتاج رجالاً يملكون عقل تحليل لا عقل تبرير، وشجاعة أخلاقية لا شجاعة استعراضية، وإرادة لا تهرب من القرار حين يصبح القرار ضرورة. الشعوب لا تبحث عمن يصرخ باسمها، بل عمن يتحمّل مسؤولية مستقبلها.
اليوم العالمي للرجل يصبح مناسبة لإعادة تعريف هذا المفهوم بوضوح: الرجل الحقيقي ليس من يطمئن بمجرد ارتفاع صوته، بل من يطمئن المجتمع عندما يُسند إليه قرار. ليس من يملأ الهواء كلمات، بل من يملأ الواقع نتائج.
والأهم: ليس من يتقدم الصفوف لتوثيق الصور، بل من يتقدم لحمل الأعباء.
التاريخ لا يُصنع بالذكور، بل برجالٍ يحوّلون الوعي إلى فعل.
وفي عالمٍ مرتبك سياسياً واقتصادياً، الحاجة إلى رجال من هذا الطراز باتت ضرورة استراتيجية. من دونهم، تُترك البلاد لصدف السياسة ولأصواتٍ أعلى من منجزاتها.
لهذا، يصبح السؤال في اليوم العالمي للرجل أقل رومانسية وأكثر واقعية:
كم نملك من الرجال المؤهّلين لقيادة شعوبهم… وكم لدينا من الضجيج الذي يتنكر بشكل رجل؟؟
كل عام و الرجال الحقيقيون بالف خير.
حسين راغب الحسين
رئيس حزب الإصلاح الوطني


















Discussion about this post