من جديد يعود الجدل داخل المجلس النيابي حول حقّ المغتربين في التصويت بين من يدافع عن مشاركتهم في الانتخابات النيابية، ومن يعترض بحجج مختلفة إلا أنّ جوهر النقاش الحقيقي لا يكمن فقط في من يحقّ له التصويت بل في كيف يُمارس هذا الحق ضمن قانون انتخابي عادل يساوي بين جميع اللبنانيين في الداخل والخارج على حدّ سواء
القانون الحالي الذي يعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي واللوائح المقفلة هو في الواقع قانونٌ معقّد يحرم الناخب من حرية الاختيار فالمواطن الذي يريد دعم مرشحٍ مستقل أو شخصية يؤمن بكفاءتها يجد نفسه مجبرًا على الاقتراع للائحةٍ كاملة قد تضم أشخاصًا لا يمثلونه فقط كي لا يضيع صوته التفضيلي هكذا يتحوّل النظام النسبي إلى نظامٍ هجيني يُكرّس نفوذ الأحزاب الكبرى ويُقزّم التعددية السياسية
وإذا كان الجميع يتحدث عن الانتخابات الحرة والنزيهة فلتكن هناك شجاعة في اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وفق النسبية الكاملة مع إلغاء الصوت التفضيلي وفتح اللوائح أمام الناخبين ليختاروا الأسماء التي تمثلهم حقًا عندها فقط يصبح الصوت اللبناني سواء من بيروت أو باريس أو سيدني ذا قيمة متساوية في صناعة القرار الوطني
إنّ جعل لبنان دائرة واحدة يحمل دلالات عميقة
فهو يُنهي منطق المناطق المقفلة والطوائف المحصورة في حدود جغرافية ضيقة
ويُجبر المرشحين على مخاطبة كل اللبنانيين لا أبناء طائفتهم أو منطقتهم فقط
كما يعزز فكرة الانتماء الوطني بدل الانقسام المذهبي والمناطقي
والأهم أنه يمنح المغتربين فرصة حقيقية للمشاركة في صنع التغيير بدل حصرهم في مقاعد رمزية أو دوائر شكلية
إنّ القانون العادل لا يخاف من صوت الناس بل يثق بحكمتهم والقوى التي تخشى فتح اللوائح أو توحيد الدائرة إنما تخشى فقدان امتيازاتها لا فقدان الوطن
لهذا، فإنّ الإصلاح الانتخابي المنشود يجب أن يبدأ من تحرير إرادة الناخب لأنّ لبنان لا يحتاج إلى انتخابات متكرّرة بل إلى انتخابات حقيقية، تُعيد للناس ثقتهم بأنّ صوتهم يحدث فرقًا
ولعلّ البداية تكون باعتراف بسيط وواضح
لا ديمقراطية من دون مساواة ولا مساواة من دون قانون انتخاب يضمن حرية الاختيار
الشيخ سليمان الاسعد وادي خالد عكار


















Discussion about this post