بقلم/ عامر جاسم العيداني
مع كل دورة انتخابية تتجدد وعود التعيينات وكأنها بطاقة دخول إلى البرلمان فكل مرشح يحاول استمالة الناخبين عبر الحديث عن فرص عمل ودرجات وظيفية قادمة رغم علمه بأن الملف مرتبط بالموازنة العامة وقرارات مجلس الوزراء وليس بقدرة أي نائب أو كتلة.
الحقيقة أن التعيين في مؤسسات الدولة يخضع لضوابط مالية وإدارية صارمة ولا يمكن لأي جهة سياسية أن تتجاوزها ومع ذلك يطلق البعض وعوداً براقة مستغلين حاجة الشباب العاطلين عن العمل في مشهد يتكرر منذ سنوات دون نتائج ملموسة.
ان تجارب الماضي خير دليل فكم من حملة انتخابية بُنيت على وعود التعيين ولم يتحقق منها سوى القليل فمثلاً بعد انتخابات 2018 و2021، انتظر آلاف الخريجين تنفيذ تلك الوعود لكنهم واجهوا تأجيلات بحجة عدم توفر التخصيص المالي وتحولت وعود التعيين إلى أدوات دعائية سرعان ما تتبخر بعد إعلان النتائج.
إن استغلال البطالة سياسيا يعد إساءة للناخب وللعملية الديمقراطية لأنه يزرع الإحباط ويعمّق الفجوة بين المواطن والدولة والمطلوب اليوم هو خطاب صادق يطرح حلولاً واقعية كتحريك الاستثمار ودعم القطاع الخاص وتمويل المشاريع الصغيرة بدلاً من حصر الأمل في وظيفة حكومية محدودة العدد.
إن بناء الثقة لا يكون بالشعارات بل ببرامج اقتصادية واضحة تفتح أبواب العمل الحقيقي ، لذلك على الناخب الواعي أن يميز بين من يقدم وعدا انتخابيا ومن يملك رؤية إصلاحية قابلة للتنفيذ.
أيها المواطن الكريم لا تجعل حاجتك إلى فرصة عمل وسيلة يستغلها من لا يملك حلاً حقيقياً واسأل كل من يعدك من أين التمويل؟ ما هي الخطة؟ ومتى التنفيذ؟ لا تمنح صوتك لمن يبيع الأوهام بل لمن يملك فكرا وبرنامجا لأن الصوت اليوم هو أمانة والاختيار مسؤولية.
فالبلد لا يُبنى بالوعود بل بالصدق والعمل والقدرة على الإصلاح ومن يعِدك بالتعيين بلا سند قانوني سيعجز غدا عن الوفاء بكل ما قاله اليوم.
يبقى للإعلام المهني والمجتمع المدني دور محوري في كشف الوعود الزائفة ومراقبة الخطاب الانتخابي من خلال توعية الجمهور وتحليل البرامج ومساءلة المرشحين علنا أمام الناس فالإعلام الحر هو صمام الأمان ضد التضليل والمجتمع المدني الواعي هو الدرع الذي يحمي الناخب من الخداع السياسي.
وحين تتكامل هذه الأدوار يصبح الناخب أكثر وعياً والمرشح أكثر التزاماً وتتحول الانتخابات من مهرجان وعود إلى ميدان للمساءلة والبناء الوطني الحقيقي.

















Discussion about this post