__المراقب والمحلل السياسي اليوم لا يصاب بالدهشة بسبب الأحداث، بل بسبب كم الهجوم المهول، والإقصاء، والشتائم الموجهة لأي مبادرة وطنية تصدر عن الأقليات لدعم العهد الجديد في سورية.
إنّ هذا الكم الهائل من التهجم والتخوين ليس صدفة، ولا مجرد ردود أفعال عابرة…
بل هو أوضح دليل على أننا نسير نحو هاوية حقيقية،
نحو انحدار اجتماعي وأمني كارثي، قد يفقد الوطن كل مقوّماته قبل أن يدرك أحد حجم الكارثة.
1. الفضاء الرقمي مرآة للواقع المتفكك
كل منشور بسيط، وكل تجمع شعبي للأقليات يدعم الدولة أو يرفع شعارًا وطنيًا، يتحوّل إلى ساحة للهجوم والإقصاء.
هذا ليس مجرد نقد أو اختلاف سياسي…
بل هجوم ممنهج على أي صوت يحاول أن يبني سورية موحّدة ومستقرة.
2. السوريون الشيعة مثال على الولاء والمواطنة
بعد أن شاهد العالم كله وسمع كيف خرج السوريون الشيعة في:
نبل والزهراء شمالي حلب
وفي الريف الجنوبي لدمشق بمنطقة السيدة زينب
مؤيدين للعهد الجديد، ومعربين عن احترامهم لسيادة القانون، ومشاركتهم إخوتهم في الوطن أفراح الانتصار والتحرير…
وكيف أن كبار كتابهم، ومفكريهم، ورجالات الإعلام لديهم أصدروا ويصدرون بيانات التأييد للعهد الجديد…
مع كل ذلك،…؟؟!!
ما نقرأه وما نسمعه في الفضاء الرقمي هو لغة التخوين والإقصاء والتهديد فقط.
وهذا السلوك ليس مجرد تجاهل للجهود الوطنية، بل سلوك كارثي يهدد وحدة الوطن وأمنه.
3. سبب الانحدار:
هو المنابر الدينية والفعاليات المحليةالفاعلة
إن الخطاب الإقصائي اليوم ينطلق بقوة من كل قرية، وكل بلدة، وكل مدينة عبر المنابر الدينية والفعاليات المحلية.
هؤلاء الفاعلون يصنعون ثقافة كراهية ممنهجة، يرسخون شعور بأن
“الآخر مرفوض”،
كائن من كان …
ويقوّضون أي محاولة لإعادة الثقة بين السوريين.
والناتج واضح:
الوعي الوطني في خطر، والوطن نفسه على حافة الانفجار الداخلي.
4. الهجوم على الأقليات هو مؤشر الخراب
والشتائم والاتهامات ضد أي شخص من الأقليات يدعم الدولة هي أوضح إشارة على أننا نسير نحو هاوية حقيقية هدفها
فقدان الثقة بين المكوّنات
استعادة ثقافة التخوين
إعادة إنتاج الانقسامات التي صنعها النظام السابق والتي أدت إلى كارثة مابعد ٢٠١١
5. التحذير صارخ ومباشر
إذا لم يتم وضع حد لهذا الانحدار الفكري، ولم تُستعاد قيم العدالة والمواطنة والاحترام المتبادل،
فإن سورية لن تهددها فقط الأزمات الاقتصادية والسياسية… بل ستنهار من الداخل، بفعل خطابات الكراهية المنتشرة بكل زاوية من وطننا.
الخلاصة الواضحة جدا:
> سورية اليوم ليست بخطر بسبب الخارج، بل بسبب الداخل.
فالمنابر الدينية والفعاليات المحلية هي التي تزرع الإقصاء، والفضاءات الرقمية التي تنشر الكراهية، وهي التي تجعل الوطن يسير بخطى واثقة نحو الهاوية.
إنّ من يعتقد أن إطلاق الشتائم والاتهامات يمكن أن يحمي سورية، فهو مخطئ… ومخطئ جدا بحق الوطن والدولة .
هؤلاء هم من يضع الوطن على حافة السقوط النهائي
/ سعيد فارس السعيد
كاتب استراتيجي مستقل ،
متخصص بقضايا الأمن الإجتماعي والوطني .


















Discussion about this post