بيان
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الموافق ل 18 كانون الأول ، نتوقف أمام هذه اللغة العريقة بوصفها إحدى أقدم اللغات الحية وأكثرها قدرة على الاستمرار والتجدد.
فاللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي وعاء حضاري ومعرفي شكّل عبر قرون طويلة أساسًا للعلوم والفلسفة والآداب، وأسهم في نقل المعرفة الإنسانية وتراكمها.
لقد أثبتت العربية، بمرونتها البنيوية وثرائها الدلالي، قدرتها على استيعاب التحولات الفكرية والعلمية، وعلى التعبير الدقيق عن أدق المفاهيم الإنسانية، ما يجعلها لغة حاضرة في الماضي وفاعلة في الحاضر وقادرة على مواكبة المستقبل.
وانطلاقًا من الإيمان العميق بدور اللغة في بناء الوعي والهوية، عملتُ شخصيا خلال مسيرتي الثقافية على الإسهام في تعزيز الاهتمام باللغة العربية ونشرها، سواء من خلال دار الشعب للنشر التي سعت إلى تقديم كتاب عربي رصين يحترم القارئ ويخدم الثقافة العامة،
أو من خلال عضويتي في اتحاد الكتّاب العرب، حيث كان الالتزام باللغة العربية الفصيحة والدفاع عن مكانتها جزءًا أصيلًا من العمل الثقافي المشترك.
وقد تُوِّج هذا المسار بتأليفي أكثر من عشرين كتابًا في مجالات فكرية وأدبية مختلفة، كان الهدف منها الإسهام في ترسيخ العربية كلغة إنتاج معرفي حي، لا كلغة تراثية جامدة.
إن الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي ليس مناسبة رمزية فحسب، بل هو دعوة عملية لإعادة الاعتبار لها في التعليم والإعلام والبحث العلمي، ولتحويلها إلى لغة عمل وإبداع قادرة على استعادة دورها الطبيعي في نهضة مجتمعاتنا. فاللغة التي صنعت حضارة قادرة، متى أُحسن التعامل معها، على أن تكون رافعةً حضارية جديدة في عالم سريع التحول.
حسين راغب الحسين
مدير دار الشعب للنشر
عضو اتحاد الكتاب العرب


















Discussion about this post