قراءة نقدية :”الومضة الشعرية والمشهد الأخير”
الومضة الشعرية:” ضجيج صامت”
الشاعرة إلهام عيسى (سوريا)
الناقدة جليلة المازني (تونس)
===== الومضة الشعرية ====
ضجيج صامت
ينام على قلق
قدت كل الحكايات
عقد صفقته مع الشيطان
اسدل الستار على المشهد الأخير..
القراءة النقدية :”الومضة الشعرية والمشهد الأخير”
استهلت الشاعرة ومضتها الشعرية بمفارقة محكومة بثنائية الضجيج والصمت.
كيف يمكن للضجيج أن يكون صامتا؟؟؟
والضجيج الصامت يتناصّ مع :
– كتاب” الضجيج الصامت” للكاتبة العمانية بلقيس العفارية.
– كتاب “ضجة الصمت” للكاتبة نرمين حسين السطائي.
– “ضجيج الصمت” للكاتبة آمال الشاذلي.
– كتاب “ضجيج الصمت” للشاعر أحمد غراب.
وبالتالي فثنائية الضجيج والصمت متداول الحديث عنها لدى الشعراء والأدباء
وشاعرتنا إلهام عيسى لم تشذّ في الحديث عنها.
إن ثنائية الضجيج والصمت تعكس ثنائية الداخل و الخارج.
لعل من يُفرَضُ عليه الصمت من الخارج يعيش ضجيجا بداخله:
– من قد تقصد شاعرتنا السورية الهام عيسى بمن يعيش صراعا بين الخارج ويبن داخله؟
– ماهي أسباب هذا الصراع بين الصمت المفروض من الخارج وهذا الضجيج
المخنوق بالداخل؟
– ما هي نتائج هذا الصراع بين الضجيج والصمت؟
لعل الشاعرة السورية الهام عيسى تقصد الشعب السوري المعني بهذا الصراع والمعاناة إثر سقوط النظام السوري والوضع الراهن المأساوي لسوريا.
إن هذا الصراع بين الضجيج والصمت متواصل ومستمرّ ويُقضّ مضاجع الشعب السوري الذي يعيش في قلق دائم فتقول الشاعرة: “ينام على قلق”.
إن هذا القلق المستمرّ يسببه أعداء سوريا من الخارج وهم إسرائيل وإيران وأمريكا وتركيا وهي الدول الداعمة للنظام الحاكم الحالي بعد هروب بشار الأسد:
يقول الباحث القطري عبد الله محمد الربيعة الكويعي الكواري (1):
” رغم سقوط النظام فإن سوريا مازالت تواجه أخطارا من الشرق والغرب…
التدخلات الخارجية والطموحات الإقليمية لبعض القوى تسعى إلى تقويض الاستقرار في البلاد ومن بين هذه الأطماع الاسرائيلية والايرانية التي تشكل تهديدا وجوديا لسوريا:
– اسرائيل : تسعى الى استغلال الوضع الحالي لتحقيق مكاسب استراتيجية
بما في ذلك فرض سيطرتها على الجولان المحتل وتوسيع نفوذها في المنطقة.
– ايران : من جهة أخرى تعمل إيران على تعزيز نفوذها في سوريا عبر دعم مليشيات موالية لها وترسيخ وجودها العسكري والسياسي .هذا التدخل لا يهدد سيادة سوريا فحسب بل يعمّق الانقسامات الداخلية ويعيق جهود تحقيق الاستقرار”.
– ان أمريكا هي الأخرى تريد قواعد عسكرية بسوريا وطرد القواعد الروسية في اطار السيطرة على المنطقة وضمان أمن اسرائيل.
يقول الباحث أحمد بيومي :”لقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأروبي موجة من العقوبات الاقتصادية على سوريا والتي شملت حظر النفط السوري/ تجميد الاصول المالية/ حظر التجارة مع شركات وأفراد مرتبطين بالحكومة السورية/ تقليص المساعدات الاقتصادية الدولية للضغط على الحكومة السورية للامتثال للمعايير الدولية لكن التداعيات أصابت الشعب السوري بشدة هذا ما جعل إعادة بناء البنية التحتية المدمّرَة أمرا شبه مستحيل..كانت كارثة اقتصادية وانسانية دفعت الملايين نحو الفقر وزادت في معاناة الشعب السوري الذي يجد نفسه يدفع ثمن صراعات سياسية ودولية”(2).
إنها عقوبات نافدة المفعول الى الآن والحاكم السوري الحالي يسعى الى الغائها.
– تركيا: من جهتها ومن أجل أطماع اقتصادية وسياسية تريد فرض سلطتها على سوريا لضمان عدم مساعدة السلطة السورية للأكراد بتركيا.
وفي المقابل وفي الداخل يسعى الحاكم الحالي لتركيز سلطته بالقوة الى حدّ القتل الذي طال الشعب السوري بتعلة أنهم بقايا بشار الأسد وبالتواطؤ مع الخارج للاعتراف به دوليا مثل ما جد بواقعة الساحل التي ذهب ضحيتها 1700 مدنيّا أغلبهم علويون من أتباع بشار الاسد.
وقد تعرضت بعض الطوائف لانتهاكات خاصة الطائفة العلوية وقد أبرم اتفاق بين الحكومة الحالية وجبهة” قسد”(قوى سوريا الديمقراطية) لدمج مقاتيلي” قسد” ضمن الجيش الحكومي لدعم سياستها الدفاعية وإخماد أصوات بعض الطوائف.
في هذا السياق فإن هذه الدول الخارجية هي جمع بصيغة المفرد وقد اجتمعت مصالحها لتنهش سوريا والشعب السوري دون رحمة.
لقد عبرت الشاعرة عن هذا الوضع المزري والمأساوي بامتياز حين اختزلت هذا العدوّ في صفة الشيطان فتقول :”عقد صفقته الشيطان”
“والشيطان كان بربه كفورا” لا يرحم ولا يترك من يرحم .
إن هذا الضجيج الصامت قد أسس له هذا العدو “الكافر” الذي جعل الشعب السوري يعيش صراعا بين الداخل والخارج بين ثورته الداخلية بنفسه وكبْت هذه الثورة من الخارج الذي أخمد صوته وكتم عليه أنفاسه.
فهل يمكن لهذا الكبت أن ينفجر؟؟؟
ان الشاعرة الهام عيسى ترى أن هذا المشهد من معاناة الشعب السوري من الداخل والخارج هو مشهد مأساوي مستمرّ وواقع مرّ يعيشه الشعب السوري..
انه مشهد مدعوم بقوة الحاكم الحالي من الداخل والتعاون والدعم من الخارج فتقول:
“أسدل الستار على المشهد الأخير”ا
إن الشاعرة بهذه القفلة لاتخفي عنا واقعيتها بقدر ما تبدي لنا تشاؤمها وهي تسرّ الوجع بأن هذا المشهد الأخيرهو قدَرُ الشعب السوري.
ولعل القارئ هنا قد يَبُثّ في نفس الشاعرة شيئا من التفاؤل مستحضرا ما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
اذا الشعب يوما أراد الحياة //فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بدّ لليل أن ينجلي// ولا بدّ للقيد أن ينكسر
والشعب السوري يريد الحياة ولا بد أنه سيكسر كل القيود.
سلم قلم المبدعة الدكتورة الهام عيسى المسكون بعشق الوطن سوريا.
بتاريخ 11/ 04/ 2025
المراجع:
https://www.aljazeera.net(1)
تحرير سوريا: تحديات المرحلة القادمة ومسؤوليات الفصائل
https://ecss.com.eg(2)
سوريا بعد الحرب:أزمة بنية تحتية ومعاناة لا تنتهي 10/12/2024
ادباء العالم ينصرون فلسطين ويروون عنها
إعلان المشاركة في جائزة فلسطين العالمية للآداب بدورتها الثالثة شهد الضمير الحيّ لروّاد الحرية في جميع أصقاع الأرض المقاومة البطولية للشعب الفلسطيني، لا سيما الصمود الأسطوري لأهالي غزة، على...
Discussion about this post