صدر عدد جديد وخاص من مجلة “الصقّار”باللغتين العربية والإنجليزية تحت عنوان “الشيخ زايد الصقّار الذي صان البيئة وعلّم أجيال العالم فنّ الصيد وأدب الصحراء”
وتضمنت مجلة الصقار التي تصدر عن نادي صقّاري الإمارات باللغتين العربية والإنجليزية في عددها الجديد والأخير ملفاً خاصاً عن علاقة الشيخ زايد ال نهيان ودوره في دعم والاهتمام الصقور وبالصقارة كموروث شعبي اصيل .
وافردت المجلة في باب
“شخصية العدد” بشكل موسع على الدور الريادي للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في صون التراث الثقافي للصقارةوحماية هذا الفنّ الأصيل.
واستعرض الملف أبرز مُبادرات الشيخ زايد طيّب الله ثراه للحفاظ على الصقارة كجزء من الهوية الوطنية الإماراتية إضافة إلى تأثيره على الأجيال المُتعاقبة في الاهتمام بالصقور وفنون تدريبها.
وتضمن العدد الجديد من “الصقّار” العديد من الصور ألارشيفية النادرة وتقارير توثيقية تُؤكّد مكانة الشيخ زايد كرمزٍ للحفاظ على التراث وصون البيئة.
وتزامن صدور العدد الجديد من مجلة “الصقار” مع انطلاق الدورة الـ 22 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية الذي انطلق في 30 أغسطس وانتهى امس 7 سبتمبر 2025).
ويُكرّس العدد بمضمون تنوّعه دور المجلة كمنصّة ثقافية محلية وعالمية تُعنى بُمستقبل الصقارةوالصيد المُستدام.
وتضمن العدد الذي بلغ عدد صفحاته 224 صفحة أكثر من 100 مادة تراثية وثقافية وعلمية وزعت على 34 باباً مُتنوّعاً.
وأكدت مجلة “الصقّار” في ملفها الخاص، أنّ إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في مجال الحفاظ على الصقارةلم يقتصر على حدود دولة الإمارات بل امتدّ ليترك بصمات عالمية بارزة في حماية التراث الثقافي غير المادي وصون الأنواع والصيد المُستدام.
وقد كان الشيخ زايد أوّل الداعمين للاعتراف بالصقارة كتراث إنساني عالمي في منظمة اليونسكو وهو إنجاز تحقق لاحقاً بفضل رؤيته واستراتيجيته الرائدة.
ولطالما اعتُبرت الصقارة جزءاً لا يتجزأ من التراث العربي والإنساني وهي ليست مُجرّد هواية أو رياضة بل فنّ مُتجذّر في تاريخ البادية والحياة الصحراوية يعكس مهارة الإنسان في التعايش مع البيئة وفهمه لطبيعة الصقور وتقنيات القنص والصيد.
ولعب الشيخ زايد دوراً استثنائياً في صون هذا الإرث ليس كمُمارس للصيد بالصقور فحسب بل كمُحرّك ودافع رئيسي لحماية الثقافة وترسيخها للأجيال القادمة.
وأبرزت مجلة “الصقّار” اهتمام الشيخ زايد ودعمه بالصقارة الذي بدأ منذ شبابه حيث كان يُرافق كبار الصقّارين في رحلات الصيد ويحرص على تعلّم أسرار تدريب الصقور وأساليب الصيد التقليدي بها.
في هذا السياق أكد مُعاصر الشيخ زايد ان سموه كان يحمل شغفاً حقيقياً بمعرفة كلّ تفاصيل الصقارة من اختيار الصقور وتربيتها إلى أساليب تدريبها والصبر في الصيد بها.
واشارت المجلة إلى أنّ الشيخ زايد لم يكتفِ بالمحافظة على الصقارة كهواية شخصية بل عمل على صونها كموروث ثقافي وطني وأسس العديد من المُبادرات التي تهدف إلى حماية الصقور وإنشاء مراكز متخصصة لتربيتها والعناية بها تؤكد و تعكس حرصه على نقل هذا الفن للأجيال القادمة.
وقالت انه كان داعماً للبحوث العلمية حول الصقور والحياة البرية في الإمارات لضمان استدامة الصيد بالصقور دون الإضرار بالتوازن البيئي.
ويعد الشيخ زايد من أوائل الذين سعوا إلى وضع القوانين المُنظِّمة لممارسة الصقارة بما يضمن حماية الصقور البرية والمحافظة على التنوّع البيولوجي.
وأشارت المجلة إلى أنّ هذه القوانين كانت نموذجاً يُحتذى به حيث جمعت بين احترام التقاليد وحماية البيئة.
وعرضت المجلة في صفحاتها شهادات حيّة من كبار الصقارين الإماراتيين والأجانب الذين عاصروا الشيخ زايد وعرفوه مؤكدين أنه كان يُولي اهتماماً بالغاً لكلّ تفاصيل الصقارة وكان يحرص على تعليم الشباب كيفية التعامل مع الصقور بفهم واحترام.
كما عرضت المجلة العديد من الشهادات إلى أنّ الشيخ زايد كان يُشجّع دائماً على الابتكار في أساليب التدريب مع الحفاظ على الجوهر التقليدي للصقارة مما ساهم في تطوير هذا الفن دون فقدانه لهويته الأصيلة.
وتجاوز إرث الشيخ زايد في مجال الصقارة حدود الهواية ليُصبح نموذجاً مُتكاملاً للإدارة الحكيمة التي تجمع بين الحفاظ على التراث والاهتمام بالتنمية المُستدامة.
وبينت الشيخ زايد أسس نهجاً يجعل من الصقارة أداة تعليمية وثقافية تُشجّع على الصبر والانضباط وحُبّ الطبيعة، وهي قيم أساسية في المُجتمع الإماراتي.
وسلّطت المجلة الضوء على المُبادرات التي أطلقها الشيخ زايد لتشجيع الأجيال الجديدة على ممارسة الصقارة مثل إنشاء النوادي وأوّلها نادي صقّاري الإمارات والمراكز التدريبية التي تُوفّر بيئة آمنة لتعليم الصقور والعناية بها وإقامة المسابقات التي تُساهم في صقل مهارات الصقارين الشباب.
وقالت المجلة ان هذا التوجّه يعكس حرص الشيخ زايد على استمرار هذا التراث للأجيال القادمة مع تعزيز روح الانتماء الوطني والاعتزاز بالهوية الإماراتية.
واختتم الملف بتُأكيدات من مجلة “الصقّار” أنّ الشيخ زايد سيظل رمزاً خالداً لصون الصقارة ليس فقط باعتباره قائداً حكيماً حاز على إعجاب وتقدير دول العالم بل باعتباره أيضاً راعياً للتراث وحامياً للقيم الثقافية.وانه جمع بين حُبّ الصقارة كفنّ أصيل وبين التزامه العميق بالمُجتمع والطبيعة ليترك إرثاً مُستداماًيمزج بين التاريخ والحداثة ويضمن أنّ يظل التراث الإماراتي حيّاً ومُؤثراً محلياً وعالمياً.
واعتبرت المجلة ان الشيخ زايد هو الصقّار الأول في عيون صقّاري العالم لانه وضع خلاصة خبرته في مجال الصقارة في كتاب “رياضة الصيد بالصقور” الصادر عام 1976 والذي يُعتبر مرجعاً مُهمّاً في هذه الرياضة القديمة، ولعلّه أوسع هذه المراجع وأكثرها دقة لأن المعلومات التي يشملها الكتاب تأتي عن ممارسة وخبرة.
وتطرق الملف إلى مؤتمر الصداقة الدولي للبيزرة الذي وجّه المغفور له الشيخ زايد بتنظيمه في أبوظبي عام 1976 بانه شكل أولى المُبادرت العالمية غير المسبوقة التي مهّدت الطريق نحو تعاون عالمي لحماية الصقارةكتراث إنساني.
وقالت ان الشيخ زايد أوّل من ربط بين الصقارة والاستدامة مؤكداً أنّ الصيد يجب أن يكون مسؤولًا فمنع الصيد الجائر وأطلق مشاريع إكثار الحبارى وأنشأ محميات طبيعية لحماية الصقور وبيئاتها.
واضافت ان ابن وجّه بتأسيس نادي صقارى الإمارات ليكون وجهة ريادية في صون الصقارة.
وذكرت ان المؤتمر في حينها جمع للمرّة الأولى بين صقاري الجزيرة العربية وصقاري أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأقصى وكان مُنطلقاً حقيقياً للاستراتيجية التي وضعها الشيخ زايد رحمه الله بهدف حشد الصقارين ليكونوا في طليعة الناشطين من أصحاب المصلحة الحقيقية للمحافظة على الطبيعة.
وفي مجال حماية الصقور وطرائدها كان الشيخ زايد أول من أدرك المخاطر التي تُواجه أنواع الطيور والحيوانات وقام بإنشاء عدّة مشاريع لحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
وبتوجيهات من الشيخ زايد بدأ برنامج إكثار الحبارى الآسيوية في الأسر في حديقة حيوان العين عام 1977 ثم أعلن في عام 1982 عن تفقيس أول فرخ في الأسر في دولة الإمارات.
وفي مُستهلّ الثمانينات قام الشيخ زايد بإنشاء مستشفى الصقور بمنطقة الخزنة ثم وجّه فيما بعد بإنشاء مستشفى أبوظبي للصقور في عام 1999. له
وقالت المح ان شغفه قاده إلى أن يأمر بإنشاء مستشفى بيطري لا مثيل له يركز على تشخيص ومعالجة الأمراض التي تُصيب الطيور الجارحة إلى جانب البحوث التطبيقية ذات الصلة مما نجم عنه تحسينات نوعية في مجالات الإدارة والرعاية الصحية المخصصة لصقور الصيد في جميع أنحاء العالم.
وفي عهده بادر المركز الوطني لبحوث الطيور عام 1989 الذي أصبح فيما بعد جزءاً من هيئة البيئة بأبوظبي برنامجه الطموح لإكثار الحبارى الآسيوية والذي تطوّر من بداية متواضعة حتى وصل إلى إنتاج 200 طائر في عام 2004 ومُتّجهاً بقوة وثقة باتجاه الهدف بعيد المدى الذي حدده المؤسس الراحل بإنتاج عشرة آلاف طائر حبارى آسيوي سنوياً لإطلاق معظمها لزيادة أعداد المجموعات البرية.
وقد تمّ تجاوزه لاحقاً بكثير.
واشارت إلى أنشأ في المملكة المغربية عام 1995 مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية لإكثار الحبارى وإطلاقها في البرية..
وقد أثمر النجاح المُتزايد من عام إلى آخر عن تفريخ “2150” طائر في 2004 وهو العام الذي شهد رحيل الشيخ زايد، رحمه الله.
وأيقن الشيخ زايد منذ عام 1995 ضرورة التحول من استخدام الصقور البرية إلى الصقور المتكاثرة في الأسر. وفي عام 2002 أصبح صقارو الإمارات يعتمدون بنسبة 90٪ على الصقور المُكاثرة في الأسر مما جعل دولة الإمارات العربية المتحدة هو الأولى عربيا ليصبح الاعتماد على استخدام هذه الصقور بديلاً عن طيور البرّية في رياضة الصيد بالصقور.
ونوهت المجلة إلى دعم سموه المتنامي لإنشاء الهيئة العالمية للحبارى في باكستان وقد أثمر ذلك عن زيادة التعاون والتنسيق مع الحكومة الباكستانية من أجل مكافحة الصيد غير المشروع لطيور الحبارى وإعادة تأهيل الطيور المُصادرة لإطلاقها في البرية.
وتبنى المغفور له الشيخ زايد تقليد إعادة إطلاق العديد من صقوره إلى البرية في نهاية موسم الصيد حيث بدأ برنامج زايد لإطلاق الصقور في عام 1995 بإطلاق المئات من صقور الحر والشاهين التي نجحت في العودة إلى حياتها البرية الطبيعية بعد إطلاقها على مسار هجراتها الأصلية في باكستان وأواسط آسيا.
وشجع الشيخ زايد بصورة فعالة الصقارين على الاستغلال الأمثل للطيور المُنتجة في الأسر واعتمد نظاماً مشدداً للترخيص باستخدام الطيور البرية في دولة الإمارات.
وقد رافق ذلك إصدار “جواز سفر الصقر” الدي تم اعتماده بواسطة اتفاقية /سايتس/ العالمية، مما كان له أثر بالغ في التقليل من أنشطة الصيد غير المشروع في المنطقة.
وفي مسعاي الشيخ زايد لخدمة صقّاري دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي والمحافظة على الصقور من الانقراض تمّ في عام 2001 إشهار نادي صقاري الامارات.
وأطلق الشيخ زايد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في دورته الأولى العام 2003 وأوامره بأن يكون المعرض على مستوى عالمي وينطلق من أبوظبي مرّة كل عام بتنظيم من نادي صقّاري الإمارات ليتم تنظيم نسخة /أبوظبي 2004/ التي لاقت نجاحاً وإقبالاً كبيرين.
ولا يزال المعرض يُشكّل محطة هامة على خارطة المعارض العالمية المتخصصة في هذا المجال بما يُقدّمه من جهود كبيرة في ترسيخ الصيد المُستدام، ودعم وتشجيع استراتيجية الحفاظ على التراث والتقاليد والقيم الأصيلة التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة .
Discussion about this post