قراءة تفصيلية في نص
غازلت نفسي
للشاعرة السورية:ألهام عيسى
—————
—-أ—الـتصـديـر
في هذا النص، تمارس الذات طقسًا داخليا من المكاشفة حيث تُصافح الضوء بأمل مرتجف، ثم تعود منهكة إلى ظلّها…
تتكئ على صمت ثقيل- وتراقب الأحلام وهي تتساقط من خرائطها الممزقة على الأرصفة…
هنا لا تنتظر الذات جوابـا -بل تكتب صداها في الفراغ وتترك للحكايات غير المكتملة أن تتكدّس في قوافل النسيان كأنها تقرّ بأن بعض الألم لا يُقال ولا يُعبّـر عنه وبعض الطرق لا تُفضي لأي هدف وبعض الأسئلة تظل مشتعلة حتى في غياب النار في حضور الماء…
نصك يحمل طاقة تأملية شجية، تمزج بين التوترات الداخلية والخيبات العالقة في الذات، وتكتب وجعها بصيغة شعرية مجازية كثيفة…
⸻
—-ب—-في رحـــاب القصـيدة
العنوان: (غازلت نفسي مرة..)
عنوانٌ يشي بعلاقة introspective (داخلية) بين الذات وذاتها، وكأن (المغازلة) هنا تعبير عن لحظة صفاء أو مصارحة عميقة، لكنها سرعان ما تنقلب في النص إلى خيبة…
سأتناول هذا النص معتمدة تقسيما ثلاثيا اي ثلاث أجزاء…
—1—الافتتاحية:
طرقت باب الفجر
فاتشح الصبح باشراقه مبتسما
تيمم الزهر بالسلام
حتى انبت بستان الكلام
الصور الشعرية هنا غنية بالرموز(باب الفجر/رمز لبداية جديدة، أو رجاء في تجدد وتغيير
(اتشح الصبح/-إيحاء بنجاح الطَّرْق كأن الصبح ارتدى النور بسبب هذه المبادرة الذاتية)
(تيمم الزهر بالسلام)-صورة دينية-جمالية بامتياز، السلام كوضوء معنوي، والزهر رمز للحياة والصفاء…
(بستان الكلام)-لحظة خصب في التعبير بعد الصمت، كأن الذات بدأت تثمر كلمات…
ثميكون الانقلاب-(اشتعل السؤال وتدثر بصمتي
لم يكن الحبر كاف لإعادة نبضي)
ها هنا التحول—من النور إلى الحيرة، من الإشراق إلى الاحتراق…
(اشتعال السؤال)يدل على توتر داخلي أو أزمة وجودية، و(تدثر بصمتي)يشي بعجز الذات عن الإجابة أو المواجهة…
(لم يكن الحبر كاف )-الكتابة تفشل في إعادة النبض أي أن التعبير لا يبلسم الجرح ولا يوقف النزف…
—2—منتصف النص أو أوسطه
أو قلب القصيدة
(فقدت بوصلة طريق الأمنيات
تمزقت خارطتي على الأرصفة
تتجشأ الأحلام
الضائعة هنا وهناك)
هنا تحضر ثيمات التيه والضياع حضورا قويا وبارزا
(بوصلة/خارطة/أرصفة)كلها تدل على محاولة للبحث أو المسير، لكنها فاشلة متعثرةو مبعثرة
(تتجشأ الأحلام)-صورة مفاجئة وصادمة، تمنح الأحلام طابعا عبثيا أو حتى مقززا، بلا قيمة
-3– الخاتمة
(لم أعد أسمع شيئا)
ولا أمتلك قدرة انتظار ردات الفعل
فقد تلعثم الأفق
وظلّ الصمت خارسا تحت وفوق الجسور
فثمّة حكايات أُقفلت بالشمع
وأخرى اغرورقت بالدمع
فيما تزدحم قافلة النسيان
بحكايات وحكايات لم تُكتب بعد
النهايةتأخذ شكل تأمل سوداوي ولكنه هادئ ورصين
(لا أسمع/لا أنتظر)—-انقطاع الحواس والانفصال عن الواقع-
(تلعثم الأفق )الأفق نفسه عاجز عن الوعد أو التفسير والشرح
(الجسور)قد ترمز للعلاقات أو التواصل، لكنها مغطاة بالصمت…
(الشمع/والدمع)رمز الكتمان والحزن…
(قافلة النسيان)-حركة ماضية، لا تتوقف، تبتلع كل الحكايات…
——————-
—-ج—اللــغـــة
—اللغة الشعرية: ثرية، مشحونة بالصور، تميل إلى الكثافة التي قد تربك القارئ —
—الأسلوب: يقترب من قصيدة النثر، بروح سردية، تشبه المونولوج الداخلي…
—د—-أخــتــم
هذا النص رحلة داخلية بين الأمل والخذلان، بين البدايات المتفائلة والانهيارات التي لا صوت لها… الحكايات المقفلة والدموع غير المكتوبة تشكل صورة لنصّ يكتب نفسه في الفراغ، وسط صمت خشن ونسيان لا ينتظر من يفكّ عنه الحصار
-هـ—نـــص الـقـصـيـدة
غازلت نفسي مرة .. طرقت باب الفجر
فاتشح الصبح باشراقه مبتسما
تيمم الزهر بالسلام
حتى انبت بستان الكلام
اشتعل السؤال وتدثر بصمتي
لم يكن الحبر كاف لاعادة نبضي
فقدت بوصلة طريق الامنيات تمزقت خارطتي على الارصفة
تتجشأ الاحلام
الضائعة هنا وهناك .. لم اعد اسمع شيء .. ولا امتلك قدرة انتظار ردات الفعل . فقد تلعثم الافق .. وظل الصمت خارسا تحت وفوق الجسور فثمة حكايات اقفلت بالشمع .. واخرى اغرورقت بالدمع .. فيما تزدحم قافلة النسيان .. بحكايات وحكايات لم تكتب بعد…
فائزه بنمسعود
تونس23/4/2025
Discussion about this post