الأرض الزاهدة
الأرض وما فوقها وما في أحشائها سُخّرت لك، هذه الأرض الزّاهدة التي كرّم الله وجهها، قد تجمّلت وتطيّبت ولبست أبهى حللها لأجلك، تفجّرت عيونا وجرت أنهارا، أنبتت حبّا وشجرا، أينعت زهرا وثمرا، وهيتت لك كعروس في ليلة دخلتها…
وهبتك الأرض خضرة عينيها، وتورّد وجنتيها، وجعلتك تقيم تحت أجنحتها، وكان الأزرق رداء وغطاء لك، والأفق حصونا وقلاعا تحرسك، وربّة الحسن تجلّت على جبينك، والنور سطع على وجهك، مزّق حلكة الزّمن التي تحبطك، لتبصر شيطانك وهو يسعى جاهدا لإغواءك، وكان يشدّ ازرك ملاكك، دليلك في مسالك الحياة الوعرة ، وحتى لا تتيه في المدارات االمفخْخة…
لكنّك أخطأت يوم لبستَ غرورك، واستبدلت بشرتك، بوضع أقنعة تبدّلها مع تبدّل الفصول، وبحسب مزاجك وحيث ينتظرك إبليسك، التهمت الأحياء بحسب أهوائك، ودست على مشاعر من كان سندك، جعلت من الأرواح التي مهّدتْ لك السّبل مطيّة لتقضي مآربك بعدها بخّرت بأنفسها وعلّقت صورها بمشابك الخداع وسرت في جلباب النفاق تتدعي التزهّد وتتصنْع التّعفّف، لكنّك نسيت انك زائل فلا جاه سينفعك أو غطرسة ستمنع عنك ملكوت الموت… ونسيت أنّ شيئا واحدا سيذكرك ويخلّد اسمك هو فعلك..
انت رقم يا أيها العابر عبر هذا الزمن وفوق هذه الأرض، ومجرّد عدد سيمرّ عليه التاربخ ويندثر…
فكنْ نقيّا تكنْ، وكنْ أنتَ وغيرك لا تكنْ، واترك العفن قبل أن يدركك العدم ولا ينفع ندم…
سونيا عبد اللطيف
هلوسة الوقت
قليبية 21/ 02/ 2025
فنجانها الأخير
* - الشاعرة ريما حمزة في الصباح تمسحُ الليلَ عن شفتيها برشفةٍ مُرة، تُقلّبُ الفنجانَ، كأنها تُقلّبُ وجوهَ العابرينَ في ذاكرتها، تقرأُ القاعَ كمن يحدّقُ في مصيرهِ ولا يجرؤُ على السؤال. في...