في ظل التطورات السياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، أجرى معهد علمي تابع لإحدى الجامعات في تركيا استطلاعًا شاملاً للرأي حول خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين وتوسيع المشروع الصهيوني. تم تنفيذ الاستطلاع عبر المقابلات الهاتفية، وشمل عينة تمثيلية مكونة من 4000 شخص موزعين على ثماني دول عربية، وهي السعودية، قطر، الإمارات، العراق، الأردن، مصر، عُمان، ولبنان.
أهمية الاستطلاع وأهدافه
يأتي هذا الاستطلاع في سياق رصد توجهات الرأي العام العربي تجاه أحد أخطر المشاريع التي تهدد القضية الفلسطينية بشكل مباشر، حيث يسعى المشروع المطروح إلى فرض واقع جديد في المنطقة يتماشى مع تصورات “إسرائيل الكبرى” التي لا تقتصر على فلسطين المحتلة فقط، بل تمتد إلى لبنان، سوريا، والأردن. وقد هدف الاستطلاع إلى:
1. قياس مستوى الوعي الشعبي العربي بخطورة خطة ترامب على القضية الفلسطينية والمنطقة.
2. تحديد نسبة الرفض والدعم للخطة في أوساط الشعوب العربية، ومدى وجود اختلافات بين الدول.
3. فهم مدى التزام الرأي العام العربي بحقوق الفلسطينيين، وخاصة دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
4. تقييم مستوى تأثير السياسات الحكومية العربية على مواقف الشعوب تجاه القضية الفلسطينية.
نتائج رئيسية: رفض عربي واسع للخطة
تشير النتائج إلى أن الغالبية العظمى من المستطلعين يعارضون خطة ترامب، حيث تتراوح نسبة المعارضة بين 75% و95% في مختلف الدول، مما يؤكد وجود إجماع عربي شعبي ضد أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية. وكانت أبرز النتائج على النحو التالي:
– أعلى نسب المعارضة للخطة سجلت في العراق (95%)، الأردن (94%)، ومصر (92%)، مما يعكس الارتباط التاريخي لهذه الدول بالقضية الفلسطينية وتأثيرها المباشر على أمنها القومي.
– أدنى نسبة معارضة سُجلت في لبنان (75%)، وهو ما قد يُفسَّر بالتنوع الطائفي والسياسي في البلاد، حيث تتباين مواقف بعض القوى السياسية تجاه القضية الفلسطينية.
– الدعم لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة يعادل نسبة المعارضة للخطة، ما يعكس وعياً عربياً متزايداً بضرورة حل عادل للقضية.
– ما بين 2% إلى 6% من المستطلعين فضلوا عدم الإدلاء برأيهم، وهي نسبة ضئيلة لكنها قد تعكس تأثير السياسات الداخلية في بعض الدول على التعبير عن الرأي.
الأبعاد الاستراتيجية لهذه النتائج
1. رسالة قوية للحكومات العربية: تشير النتائج إلى أن الشارع العربي يرفض بشدة أي خطوات تطبيعية أو قبول للمشاريع الصهيونية التوسعية، ما يضع ضغوطًا على الحكومات التي أبدت مرونة تجاه هذه الطروحات.
2. دحض السردية الصهيونية والدولية حول قبول الشعوب العربية بالتسويات: تكشف الأرقام أن الرأي العام العربي لا يزال متمسكًا بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية، رغم محاولات بعض القوى الدولية تقديم الصراع كقضية ثانوية.
3. تعزيز وحدة الموقف الشعبي العربي: النسب العالية للرفض تُظهر انسجاماً في مواقف الشعوب العربية بغض النظر عن التباينات السياسية والاقتصادية، وهو ما يعكس عمق التضامن العربي مع الفلسطينيين.
4. تحفيز المؤسسات الإعلامية والمدنية للعمل على زيادة التوعية: النتائج تثبت أن هناك أرضية قوية لتصعيد الحملات الشعبية الداعمة لفلسطين، مما يستوجب تعزيز الجهود الإعلامية والتعليمية لحشد مزيد من الدعم والتأييد.
5. تحذير واضح للكيان الصهيوني وحلفائه: تكشف هذه الأرقام أن أي محاولة لفرض حلول بالقوة ستواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
يمثل هذا الاستطلاع مؤشراً مهماً على مدى تماسك الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية، ويوضح أن مشاريع التصفية والتطبيع لا تجد قبولًا شعبياً واسعاً رغم الضغوط السياسية والاقتصادية. كما يبعث برسالة واضحة إلى صناع القرار بأن الشعوب العربية لن تتنازل عن حقوق الفلسطينيين ولن تقبل بفرض واقع استيطاني جديد.
لذلك، على القوى الوطنية والإسلامية والمجتمع المدني العربي أن يستثمروا هذه البيانات في تعزيز حملات التوعية والتضامن مع فلسطين، ورفع الصوت ضد أي مشاريع تهدف إلى طمس حقوق الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته العادلة.
Discussion about this post