خاص لصحيفة الدستور – علوم الوعي
كتب مازن حسن.
يحتوي العقل الباطن عند الإنسان كل الأشياء التي تم تخزينها عبر مراحل حياته والتي نطلق عليها اسم البرمجة، ومن ضمنها كل المواقف التي تعرضنا لها في مرحلة الطفولة وما تبعها من مراحل عمرية، كل موقف تعرضنا له، وسبّب لنا الخجل أو الخوف أو الحزن أو الألم أو الغضب، ولم نستطع التعبير عنه في ذلك الوقت، فقد تم كبته أو قمعه في خزائن اللاوعي وصُنع له برنامجاً خاصاً، وأصبح لذاك البرنامج طاقةً خاصة به، ومشاعر مرتبطة فيه.
فإذا كانت تلك المواقف تقلل من قيمتنا وتجعلنا نشعر بالدونية، هذا يعني أن البرامج التي تخزّنت في غياهب اللاوعي تعمل من تلقاء نفسها كلما تعرضت لموقف يحرضها، وعندما تعمل تلك البرامج سينتج عتها مشاعر وسلوكيات واستجابات معينة.
وبما أن الدوافع أو الأفكار أو البرامج المكبوتة باللاوعي تسعى دائماً للبحث عن نافذة تطل من خلالها، أي أنها تضغط باستمرار باتجاه الوعي، وربما نجهل ذلك أو لا نتذكر كل ما حدث معنا خلال مسيرة حياتنا، لذلك لا بد من الانتباه إلى المشاعر المرافقة، لأن مشاعرنا هي الكشّاف الصادق الذي ينير لنا المنطقة المظلمة في اللاوعي لترشدنا بأن هناك شيء ما جعلنا نختبر تلك المشاعر، إنه أفكارنا وبرامجنا المكبوتة في غياهب العقل الباطن أو ما يسمى باللاوعي.
فمثلاً إذا أساء لك شخص ما أو ظلمك أو سلبك حقك أو اعتدى عليك إلخ، فسوف تشعر بمجموعة من المشاعر السلبية المؤلمة، هذه المشاعر ليست جديدة، ولم تكن وليدة الموقف الحالي الذي تعرضت له، بقليل من الانتباه والملاحظة ستكتشف أن تلك المشاعر تتكرر معك في كل مرة تتعرض فيها لموقف يحرض لديك برنامج قلة تقدير الذات المخزّن باللاوعي، وأنك تختبر هذه المشاعر دائماً، والسبب أنك تملك جذوراً لأفكار أو مواقف تؤدي لظهور تلك المشاعر منذ أن كنت في مرحلة الطفولة، وأن تكرار ظهور هذه المشاعر هو صرخة من أعماقك ونداء لكي تنتبه وتعلم أن هناك برامج في اللاوعي بحاجة لأن تعالجها.
وفي كل مرة تتعرض فيها لأي موقف يحرّض هذه البرامج لديك دون أن تعالجها، فأنت بذلك تغذيها بطاقة جديدة وتجعلها أقوى وأعمق وأكثر تأثيراً، وبالتالي سوف تتوالى الاختبارات في حياتك بمواقف أقسى وأصعب.
دمتم بوعي فالوعي كالماء يحي كل شيء كان يبدو أنه على قيد الحياة
Discussion about this post